هو أحد أعظم حراس المرمى الذين عرفهم العالم. تتحدّث الحقائق عن نفسها: كان ضمن تشكيلة بلاده في أربع نسخات في كأس العالم، فخاض ثلاث نهائيات وأحرز اللقب في أسبانيا 1982، مثّل إيطاليا 111 مرة ويحمل الرقم القياسي بعدم دخول أي هدف في مرماه طيلة 1.142 دقيقة. لم يكتسب ابن أحد المزارعين انجازاته بسهولة وقال زوف في إحدى المرّات: "كلّ ما امتلكته أتى عن طريق العمل الجاد". أخرجت كرة القدم صبي القرية من منطقة شمال شرق إيطاليا الزراعية؛ ومع ذلك لم يتخلّ البلد الفخور والبراغماتي عن الحارس زوف. بدايات خجولة كان للنشوء في احدى المناطق القريبة من الأمبراطورية النمسوية-المجرية مزاياه وليس أقلّها الغذاء. عندما رفضه انتر ميلان ويوفنتوس وهو بعمر 14 سنة – بحجة انه قصير – امتلكت جدة زوف أديلايد الجواب: إطعامه البيض. مرّت خمس سنوات وأعطى زوف من خلال ادائه مع فريق قريته ماريانيزي الكثير من الأفكار لكشافة أودينيزي. زاد طوله 33 سم وأصبح 1،82 م – وهي زيادة أكسبت نادي الدرجة الأولى ثقة إضافية. بعدها، ترك زوف عمله كميكانيكي محرّكات ليوقّع على الأوراق الرسمية. لم تكن بدايته سلسة، فدخل مرماه خمسة أهداف خلال أوّل مباراة ضد فيورنتينا في 24 سبتمبر1961. ثم كان النزول إلى الدرجة الثانية للاعب والنادي. لعب زوف أربع مباريات مع نادي فريولي قبل أن يعيده مانتوفا إلى الدرجة الأولى في الموسم التالي. هنا إنطلقت مسيرته بحقّ. عام 1966 كان مرشحا للانضمام إلى صفوف منتخب إيطاليا المشارك في كأس العالم إلى جانب أنريكو ألبرتوزي، روبرتو أنزولين وبييرلويجي بيتزابالاّ. لكن خلال المسابقة، اختار مدرب أتزوري إدموندو فابري الثلاثة الآخرين، لأنه وكما شرح زوف: "لم يرد أن يُتّهم بالتحيّز لمانتوفا لأنه كان يشجع الأخير". جاء العزاء عن طريق زوجته أنا-ماريا. عنت الولادة اللاحقة لابنه ماركو قدوم شخصين جديدين إلى حياة زوف عام 1967. كانت السنة التي استقبله فيها نابولي إلى جنوبإيطاليا بمبادلة مع الحارس باندوني و130 مليون لير. نجح نابولي حيث فشل ميلان في ملاقاة سعر مانتوفا. وقال زوف: "أملك ذكريات رائعة في الفترة التي أمضيتها هناك. إنها مدينة حيوية". إنجازات ملحوظة لعب زوف أوّل مباراة دولية هناك خلال الفوز على بلغاريا 2-صفر في أبريل 1968. كان ذلك في ربع نهائي كأس الأمم الأوروبية وبقي مع الفريق في وقت وصلت فيه إيطاليا إلى النهائي بفوزها على يوغوسلافيا في المباراة المعادة. بداية مستحقّة على الساحة الدولية، تمكّن فقط العظيم باولو مالديني من مجاراتها بعد ثلاثة عقود. ولا حتى مالديني الجميل استطاع تصدّر غلاف مجلة نيوزويك. هذا الشرف الخاص حصل عليه زوف عام 1982، عندما ترك عالم كرة القدم بالطريقة ذاتها التي دخل فيها: مع ميدالية الفائز بكأس العالم. قام بذلك وهو بعمر الأربعين في كأس العالم فكانت بمثابة المكافأة على سنوات من التفاني. تخلّل المواسم انتصارات أكثر من الكوارث. هزائم صغيرة مثل خسارة مركزه لألبرتوزي في المكسيك 1970، وعن وصفه "لست في أفضل مستوياتي" في الأرجنتين بعد ثماني سنوات، لا تُقارن مع ستة ألقاب في الدوري أحرزها مع يوفنتوس. كان زوف في منتصف العمر عندما انتقل من تورينو إلى نابولي. كان التحدّي جديداً للاعب بقي مهتماً في تحديد الأهداف كما كان ينقذها. ربما كان هذا سرّ طول فترة احترافه. في حالة زوف، أصبح الماضي من التاريخ. ومجرّد محافطته على مستواه حتى المباراة الأخيرة، أبقى على حماسته خلال 570 مباراة في "سيري أ"، 330 منها في سلسلة كاملة مع يوفنتوس. أيام المجد مع يوفنتوس طوال 11 موسماً على ملعب كومونالي. بالتأكيد، اكد ال"بيانكونيري" ان قيمة العقد التي بلغت 330 مليون لير لانتقاله الى يوفنتوس كانت في محلها. في المقابل، بالإضافة إلى الألقاب الستة في السكويديتو، حمل زوف كأس الإتحاد الأوروبي مرة واحدة و كأس إيطاليا مرتين. الفجوة الوحيدة كانت كأس الأندية الأوروبية البطلة حيث خسر مرتين: أمام أياكس عام 1973 وأمام هامبورج بعدها بسنوات. الريادة من مقعد البدلاء شهد النهائي الأخير رحيل زوف الكبير. إعتزل ليصبح مدرباً للحرّاس مع يوفنتوس. لم يكف هذا الأمر. قال زوف: "بالنسبة لي كانت وظيفة توصل إلى حائط مسدود". لذا تولّى منصب مدرب منتخب إيطاليا الأولمبي قبيل دورة سيول – ونال الإعجاب الكافي لنيل منصب المدرب في يوفنتوس عام 1988. انتصارات في إيطاليا والبطولات الأوروبية بالإضافة إلى مركز ثالث في الدوري، أكّد للنادي صوابية اختياره، رغم ان الاتفاق بين الطرفين استمرّ لمدة سنة واحدة. التوقّف التالي كان مع لاتسيو. في روما، لعب زوف دور المدرب في اربعة مواسم قبل أن يستلم رئاسة النادي. أشرف على انتقال النسور من العلاقات السيئة في المدينة الأزلية الى شركة عامة محدودة... حتى انه أمضى فترة وجيزة كمدرب موقت عام 1997. شكَل تعيينه في منصبه التالي تعيينه الذروة بالنسبة اليه: الحلول بدلاً من تشيزاري مالديني مدرباً لمنتخب إيطاليا بعد الظهور الضعيف للأتزوري في فرنسا 1998. ولولا هدف دافيد تريزيجيه الذهبي في نهائي كأس أوروبا 2000، لكان مسؤولاً عن حصد اللقب الأوّل لبلاده منذ أسبانيا 1982. مع ذلك ووفقاً للصحافة الإيطالية، المركز الثاني هو فقط للخاسرين. إكتوى زوف من الإنتقاد فاعتزل عائداً إلى لاتسيو، مجدداً كمدرب. قادهم إلى المركز الثالث والتأهل إلى دوري أبطال أوروبا، لكنه لم يتمكّن من إرضاء المشجعين الذين استمتعوا بثنائية الدوري والكأس في الموسم السابق. لذلك، عندما بدأ موسم 2001-2002 بهزائم محرجة محلياً وأوروبياً، تحرّكت شاحنة نقل زوف مرة أخرى – محمّلة بالألقاب التي جناها خلال مسيرة رائعة.