قق فريق الرجاء البيضاوي أحد أفضل الإنجازات في سجله وفي تاريخ كرة القدم المغربية ببلوغه المباراة النهائية لكأس العالم للأندية، ليتواصل التألق ومعه حلم الملايين من أنصار وعشاق الأخضر داخل المغرب وخارجه على أمل أن يعزف سمفونية كروية رائعة يوم غد السبت بملعب مراكش الكبير أمام العملاق البافاري بايرن ميونيخ الذي يبحث عن لقبه الأول في هذه المسابقة والخامس له خلال سنة 2013. حقا لقد دخل الرجاء البيضاوي التاريخ من بابه الواسع وبات أول فريق عربي يبلغ المباراة النهائية لمونديال الأندية، علما بأنه يخوض غماره للمرة الثانية بعد الأولى في النسخة الأولى عام 2000 في البرازيل عندما خسر مبارياته الثلاث في مجموعته أمام كورينثيانز البرازيلي (2-0) والنصر السعودي (4 -3) وريال مدريد الإسباني (3-2) . كما أن الرجاء أصبح ثاني فريق يكسر الهيمنة الأميركية الجنوبية - الأوروبية على المباراة النهائية بعد مازيمبي الكونغولي، الذي أزاح أيضا فريقا برازيليا في نسخة عام 2010 هو إنترناسيونال بورتو أليغري (2-0)، قبل أن يسقط أمام أنتر ميلانو الإيطالي (3-0) في المباراة النهائية. وعلى الرغم من هزائمهم الثلاث فإن "النسور الخضر" أبلوا البلاء الحسن ونالوا الاحترام والتقدير وأدخلوا السرور على قلوب الملايين من عشاق اللعب الفرجوي والكرة الراقية واللمسات الساحرة . لكن قمة الإثارة في المباريات الثلاث كانت ضد ريال مدريد حيث قدم الفريق المغربي آداء من طراز رفيع وخلق الكثير من المتاعب للفريق الإسباني إلى درجة أن بعض لاعبيه اضطروا لاستعمال الخشونة لإيقاف تسربات ماردي الرجاء وفي مقدمتهم اللاعب " المستفز" بوشعيب المباركي، الذي تلاعب ببعض لاعبي الريال على غرار البرازيلي روبرطو كارلوس وغوتي، اللذين فقدا أعصابهما وكان مصيرهما الطرد . ثلاثة عشر سنة بعد ذلك نضج الفريق وعزز سجله الناصع من الألقاب المحلية والقارية وطور أسلوب لعبه وصرامة الانضباط التقني والتكتيكي الذي كان يفرضه " الجنرال" امحمد فاخر، الذي أقيل حوالي أسبوعين قبل انطلاق موندياليتو أكاديرومراكش . وهكذا تحركت الآلة الرجاوية في الموندياليتو فأتت على الأخضر واليابس في طريقها إلى المباراة النهائية التي لم يكن أشد المتفائلين يتوقع وصوله إليها، ليحقق الفريق المؤازر من قبل أنصاره الذين لم يبخلوا عليه بتشجيعاتهم في السراء كما في الضراء، رغم تواضع نتائجه في البطولة وخسارته لنهائي كأس العرش، إنجازا فريدا من نوعه بالنظر إلى الإكراهات التي كان يعاني منها قبل أسبوعين من انطلاق العرس العالمي، ناهيك عن حجم الفرق المنافسة التي واجهها حتى الآن. فبعد أن أزاحوا أوكلاند سيتي النيوزيلندي بطل أوقيانوسيا، صاحب الخبرة في المونديال بخمس مشاركات بالفوز عليه (2-1)، وقفوا الند للند أمام مونتيري المكسيكي بطل أمريكا الشمالية والوسطى والكرايبي في السنوات الثلاث الأخيرة وصاحب المركز الثالث في مونديال 2012، الذي أجبر على خوض الشوطين الإضافيين قبل أن يرفع الراية البيضاء (2-1). وبعد تأهله لدور نصف النهاية كبر طموح الفريق وازدادت جرعات ثقته في النفس ليرفع شعار "المستحيل ليس رجاويا" فواجه أتلتيكو مينيرو البرازيلي العتيد، بطل أمريكا الجنوبية بقيادة نجمه رونالدينيو، الذي فقد الكثير من بريقه، فلقنه درسا في فنون اللعبة ورقص "الصامبا" بدله، فكان الطرف الأفضل في المباراة التي أنهاها في وقتها الأصلي بنتيجة لا تقبل الجدل (3-1). يقول لاعب الرجاء في سبعينيات القرن الماضي جواد عزيز " عنصر المفاجأة أمر غير وارد . ففريق الرجاء أظهر جاهزيته تقنيا وبدنيا، صلابة في خط الدفاع، تمريرات قصيرة، لعب جماعي و روح قتالية عالية (...) الفريق أبان عن نضج كبير وأنفة كلما عادل الفريق الخصم الكفة وسرعان ما يستعيد توازنه ويقلب الكفة من جديد لصالحه، كما حدث في لقائه أمام منيرو عندما سجل روناليينو هدف التعادل (1-1)، وهو اللقاء الذي أبدع فيه الرجاويون وأبانوا عن حيوية وإصرار كبير على الوصول إلى المنبع والشرب منه، حتى ولو كان الخصم في الطريق برازيليا. وهذا ما كان لتعم الفرحة كل مكان بنشوة الانتصار والتأهل في انتظار عبق التتويج بالكأس". وتأكيدا لتألق فريق الرجاء، فقد اختير لاعبوه الأفضل في المباريات الثلاث التي خاضوها حتى الآن، وهم العميد محسن متولي في المباراة الأولى وحارس المرمى خالد العسكري في الثانية و"الغوليادور" محسن ياجور في الثالثة. وبدوره لم يخف امحمد فاخر فخره واعتزازه بالانجاز الذي حققه فريق الرجاء الذي يتعملق في المناسبات الكبرى والذي تحدو لاعبيه رغبة أكيدة في تدوين اسم الرجاء في سجل كرة القدم العالمية على مستوى الأندية. لكن توالي المباريات وتقاربها زمنيا، بحيث أن فريق الرجاء يكون خاض أربع مباريات في ظرف أحد عشر يوميا، قد يؤثر على مردودية الفريق من ناحية اللياقة البدينة، لاسيما وأن المباراة النهائية ستكون ضد "كاسحة" ألمانية اسمها بايرن ميونيخ. فالفريق البافاري، الذي يعد حاليا أفضل فريق في العالم، جمع المجد من كل أطرافه واحتكر أربعة ألقاب في سنة 2013 (بطولة وكأس ألمانيا، كأس عصبة أبطال أوروبا، الكأس الممتازة) ويبحث جادا عن لقبه الخامس الذي ينقص خزائنه على أمل أن ينهي السنة بتتويج بكأس العالم للأندية قبل أن يخلد لاعبوه للراحة في العطلة الشتوية. ويرى جواد عزيز أنه ينبغي على ياجور، الذي يتنافس على لقب هداف الدورة، ومتولي والراقي وباقي زملائهم أن " ينزلوا من سحابتهم وينسوا نشوة الفوز في المباريات الثلاث الماضية ويعدوا العدة لمباراة بايرن اعتمادا على مؤهلاتهم الذاتية وأسلوب لعبهم والروح الجماعية للفريق". واعتبر محسن ياجور أنه يجب على اللاعبين أن" يثقوا في إمكاناتهم أمام بايرن، فكل شيء ممكن في كرة القدم، ما يجب أن نتحلى به هو العزيمة القوية". وتبقى حظوظ فريق "الشياطين الخضر" في الفوز بالمباراة النهائية قائمة بوصفه بطل وممثل البلد المضيف على غرار نادي كورينتيانز عام 2000 والذي لم يفوت الفرصة وتوج بالكأس. فهل يفعلها الرجاء ويقهر البايرن مثلما قهر الأتلتيكو .