يعدّ اسم رضوان الحزازي، المغربي القاطن بالديار الإيطاليّة، محفوظا لدَى عموم اللاعبين المارين من تجارب احترافية بنادي آ.سِي.ميلانُو لكرة القدم.. وذلك لاحتكاكه المستمر بكوريّي ذات النادي الإيطالي الكبير طيلة الأعوام ال17 الماضيّة التي تشكّل عمر رضوان بتجربة الهجرة خارج المغرب. الشاب المغربيّ، الذي بلغ ربيعه ال39 ضمن الحياة، يعدّ من بين أبرز الأسماء التي تشتغل في الخفاء وسط منشأة "سَان سِيرُو" الرياضيّة بمدينة ميلاَنُو الإيطاليّة.. وهو مستقرّ مهني لم يكن متوقعا له حين كان متواجدا بالعاصمة المغربية الرباط.. وإنّما فلح في البلوغ إليه بفعل طموح رافق عشق كرة القدم والعوالم المرتبطة بها. يعقوب المنصور ولد رضوان الحزازي بمدنية الرباط، إذ رأى النور وسطها سنة 1976، وكبر بحي يعقوب المنصور الذي أمضَى به عموم مراحله العمريّة قبل فتح أبواب الهجرة أمام مساره.. "أومن بالقدر تمام الإيمان" يقول رضوان لهسبريس قبل أن يزيد: "لم أكن أخال أنّي سأغادر المغرب في أي يوم من الأيّام.. لكنّ ذلك ما كان مخفيا عنّي". ويقر ذات المغربيّ بأن تدرجّه مع أقرانه وسط حي يعقوب المنصور الرباطي قد منحه "مناعة حياتيّة دائمة".. خاصّة وأنّه قد استفاد بشكل كبير ممّا وفره ذات لتجمّع السكاني من تجارب وخبرات أرخت بظلالها على شخصية الحزازي.. ويعلق رضوان على ذلك وهو يورد: "ما أزال أتذكّر كل تفصيل يقترني بعيشتي وسط بيئتي الأصل، لا ينقص منها أي شيء وكأنها جرت اليوم، ولذلك أفتخر بوطني عموما وبحي يعقوب المنصور بوجه خاص". إلى ميلاَنُو قبل 17 عاما من الحين توصل رضوان الحزازي بمقترح من أحد أفراد أسرته يهمّ الانخراط بمشروع هجرة تقوده إلى إيطاليا، وبعد أن تعرف إلى تفاصيل المبادرة وكون تواجده بنادي ميلانو لكرة القدم سيكون متاحا.. وافق رضوان على الفكرة دون تردّد. حزم الحزازي حقائبه، كما لملم ذكرياته وودّع أصدقاءه وعانق أقرباءه، ثم طار صوب مدينة ميلانُو.. وهناك تكلّف، طيلة عام بالتمام والكمال، بملابس كبار اللاعبين الذين كان يسمع عنهم الكثير بفعل متابعته لأخبار النادي من مستقرّه بالمغرب. "أتكلم خمس لغات بطريقة جيّدة، وهو ما ساعدني على التطور ضمن تعاملي مع إدارة النادي الكرويّ الذي التحقت بطاقمه" يقول رضوان لهسبريس ثمّ زاد: "بعد سنة من العمل كمكلّف بكل ما يهمّ ألبسة لاعبي AC Milano بدأت الآفاق تتسع أمامي، خاصة وأني درست اللغة الإيطاليّة طيلة العام الأول من وصولي إلى البلد، فغدوت مسؤولا عن الترجمة من وإلى الإنجليزية والفرنسية والألمانيّة وسط اللاعبين الأجانب". صدِيق لاعبِي ميلَانُو أوكلت إدارَة نادي "آ.سِي. مِيلاَنُو" إلى رضوان، طيلة الأعوام ال16 المنصرمة وإلى الحين، مهمّة مرافقة اللاعبين الوافدين على النادي من خارج إيطاليا.. وهو ما جعل ذات المغربيّ، المفتخر بكونه وسط النادي العملاق، من أن يغدو صديقا لكل لاعبي المجموعة التي انتمت للفريق الكروي من 1999 إلى الحين. ويتكلّف رضوان الحزازي باستقبال المحترفين القادمين من الدوريات غير الإيطاليّة، وذلك قبل أن يعرفهم على نمط العيش بالبلد عموما وبمدينة ميلانُو على وجه التحديد، مساعدا إياهم في التوفر على مسكن مريح وفق ما يرغبون فيه من معايير، زيادة على ضمان تأقلمهم وكيفية تعاملهم ببيئتهم الجديدة. من مهام رضوان، أيضا، يكمن ربط الاتصال بين إدارة النادي والمسؤولين الصحيين المشرفين على الفحوصات الطبية التي يخضع لها كل لاعب قبل انتزاعه عقد احتراف مع AC.Milan.. ذلك أنّه يقود اللاعب المراد فحصه صوب المسؤول المكلف بذلك، وبعدها يستلم نتائج الاختبارات ويحرص على وصولها لإدارة النادي كما هي. "هذه أصعب مسؤوليَّة لي، وذلك لكون سرية النتائج ونزاهتها لا ينبغي أن تكون محطّ أي تدخل كان، وأجدني مسؤولا عن مصداقية الفحوصات التي تثبت أهليّة كل لاعب على حمل قميص النادي من عدمها، لذلك أحس بثقل كبير كلّما أشرف على هذه المهمّة" يورد الحزازي ضمن لقائه بهسبريس. أسماء في الذاكرة يقول رضوان إنّه فرح بشكل كبير حين رافق مواطنه المغربيّ عادل تعرابت، اللاعب الدولي للمنتخب الوطني المغربي، حين وفد على نادي AC.Milan.. ويورد بشأن ذلك: "كان يوما لا ينسَى وأنا أرَى لاعبا مغربيا قد وفد على النادي الإيطالي العريق لتقوية صفوفه.. لقد عشت معه تجربة فريدة، واستمتعت بتواصله معي بالدّارجة المغربيّة داخل فضاء الملعب وخارجه، وأتمنّى له التوفيق الدّائم لانّه لاعب مميز". ذاكرة الحزازي تحتفظ بأسماء عدد من الأسماء الكبيرة التي بصمت المسار الكروي للنادي الكبير المقترن باسم مدينة ميلانُو الإيطاليّة.. لكنّه يكنّ ذكريات خاصّة لمرافقته ثلّة من نجوم كرة القدم العالميّة من يذكر من بينهم المغربي الفرنسي عادل رامي وكِيفين برانس بواتينغ المنتقل صوب "شالكه الألماني"، زيادة على الهولندي السورينَامي فيتُوريُو ديِيغُو إيمانويلسُون والهولندي الآخر ماركُو فَان جينكل.. إضافَة لثلّة من النجوم والأطر التقنيّة. حلم مغربي يعتبر رضوان الحزازي أن المواهب الكروية المغربيّة لا تحتاج غير الرعاية العالية التي تجعل ممارساتها تتطور مع التقدمّ بالمسار، ويردف ذات المغربيّ: "شاهدت عددا من أطفال نواد كرويّة أوروبية وكيفيات تعاطيهم مع اللعبة بالميادين، لذلك أقول إنّ الأطفال المغاربة هم أفضل بكثير من هؤلاء، وغياب التأطير المناسب هو الذي يفقدهم البريق في الوقت الذي تتقدّم مستويات الممارسة لدَى نظرائهم الأوروبيّين بفعل المواكبة العلمية التي يلقاها هؤلاء". "أحلم بمسؤولين يعملون على الاهتمام بصغار ممارسي الكرة في وطني المغرب، إذ أن هذا الأمر سيكون أفضل ترويج لاسم بلدي، تماما كما عمل البرازيليون على إذاعة صيتهم عبر هذه اللعبة التي تلقَى إقبال العالم.. ومن حقي أن أحلم بوصول لاعبي الكرة بالمغرب لمستوى البرازيليّين مستقبلا، ذلك أنّنا مثلهم في عشق كرة القدم وممارستها وسط الأحياء" يضيف الحزازي ضمن حديثه لهسبورت. عطاء للوطن يفتخر رضوان باشتغاله وسط نادي ميلانو الشهير في عوالم الكرة العالميّة، معتبرا أن ذلك مصدر فخر له لا يفوقه غير الافتخار بالانتماء إلى المغرب.. وهو ما يجعله يبدي ارتياحا تامّا تجاه تجربة الهجرة التي أقدم على الانخراط ضمنها ومساره الذي بصم عليه وسط توالي الأيّام ضمن مستقره بالأراضي الإيطاليّة. أمّا عن الشباب المغاربة الحالمين بتحقيق ذواتهم خارج الوطن الأمّ فإنّ رضوان يرَى أن ذلك يبقَى مرحبا به وسط عالم قد أضحَى قرية صغيرة تضيق بساكنيها، لكنّه يضيف بأن كل العطاء ينبغي أن يقترن باسم المغرب والإعلاء من شأنها حيثما حلّ المغاربة وارتحلُوا.. ويزيد: "الإنسان ينبغي أن يعيش حالما بأفضل ما بإمكانه أن يحقق اليوم وغدا، كما أن الهجرة تمكّن من اكتساب تجارب عّدة ومراكمة خبرات قد لا تتحقق بالوطن الأمّ.. لكنّ ذلك لا ينبغي أن يكون سوَى لإعلاء شأن الهوية والانتماء الأصيلين، إذ أن المغربيّ يبقَى مغربيا دائما وأبدا، وعليه أن يفاخر بانتمائه عبر كل بصمة يضعها في هذه الحياة".