التواضع بدلا من الإسراف المالي، العودة إلى النقاء، عملية تعاف، والمزيد من العقلانية.. هكذا أدت أزمة وباء كورونا إلى انغماس كرة القدم الألمانية الاحترافية في نقاش وجدل بشأن الهوية. وضربت أزمة وباء كورونا كرة القدم الألمانية بشدة وأثارت السؤال بشأن ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب لوقف الإسراف المالي، والتركيز بشكل أكبر على التواضع والعقلانية في هذا المجال. كما أدت إلى طرح استفسار آخر عما إذا كان هذا التغيير سيستمر في المستقبل بعد انتهاء أزمة كورونا. وقال كريستيان سيفيرت، المدير الإداري لرابطة الدوري الألماني، في تصريحات لصحيفة "فرانكفورتر ألجمينه تسايتونغ" هذا الأسبوع: "لا نريد مجرد الخروج من الأزمة بأي شكل ثم الاستمرار على ما كان عليه الحال في السابق." وكان سيفيرت أوضح في وقت سابق: "بالتأكيد" سنخرج بالكثير من هذا الوضع وسنفكر مليا فيما سيبدو عليه الوضع الاقتصادي، وربما أيضا القيم الأساسية للبوندسليغا مستقبلا". ويبرز سيفيرت، وكارل هاينز رومينيغه الرئيس التنفيذي لنادي بايرن ميونخ، وهانز يواخيم فاتزكه الرئيس التنفيذي لنادي بوروسيا دورتموند، ضمن مجموعة من الأشخاص الذين يفكرون في مجال كرة القدم بشكل جديد. وصرح رومينيغه لصحيفتي "مونشنر ميركور" و"تي زد" بأنه: "حتى هذا التاريخ، كان الأمر بمثابة سباق سريع بين أبرز اللاعبين في العالم. علينا أن نحاول تطبيع تجاوزات بعينها... لاعبو كرة القدم كانوا يتقاضون مبالغ مالية هائلة مقارنة بالعمال العاديين. ولكن ما حدث في السنوات العشر الماضية أدى لإلى تطورات غير صحية". وأضاف: "عندما تنتهي هذه الأزمة، سنضطر للتعامل بجدية لإعادة الأمور إلى الوراء لتكون أكثر انسجاما وملائمة". وأكد كثيرون في البوندسليغا، لاعبون ومدربون، الفرصة المطروحة الآن والتي ترحب بها الجماهير. وقال ألفونس هورمان، رئيس الاتحاد الألماني للرياضات الأولمبي، في بث على موقع صحيفة "بيلد" الألمانية أول أمس الخميس: "الطريقة التي يتم بها مناقشة أمور كرة القدم الآن في أماكن عديدة، طريقة جيدة، ومهمة للغاية". وحذر هورمان: "بخلاف ذلك، هناك خطر من أن كرة القدم ستبتعد عن أشياء كثيرة". ومن الصعب على البعض أن يفهم أن أندية مثل شالكه تواجه صعوبات اقتصادية بسبب أزمة وباء كورونا رغم العائدات الضخمة التي حققتها هذه الأندية في الماضي. وكانت صور اللاعبين الشبان على شبكات التواصل الاجتماعي تظهر ثرواتهم قبل الأزمة، والملايين التي يحصلون عليهم في شكل رواتب، وأيضا قيمة الانتقالات السخيفة المضحكة وعمولات وكلاء اللاعبين، وكلها عوامل ساعدت في تأكيد صورة هذا المجال على أنه منعزل عن بقية العالم. ولهذا، فإن قبول المجتمع وكذلك العديد من المشجعين للجهود المبذولة لاستئناف دوري الدرجتين الأولى والثانية في ألمانيا من خلال مباريات بدون جماهير هو أقل بكثير مما يتخيله صانعو القرار داخل فقاعتهم. كما أن مساعي الأندية ورابطة الدوري لاستئناف النشاط الكروي بدعوى الضرورات الاقتصادية تسببت في انتقادات عديدة وشكوك، خاصة في ظل حالة الجمود التي ضربت العديد من مظاهر الحياة حاليا بسبب وباء كورونا. وكان الفيلسوف الرياضي جونتر جيبور صرح مؤخرا ل صحيفة "أوجسبورجر ألجماينه" الألمانية بأن "كرة القدم تحب أن ترى نفسها في دور النموذج والقدوة. ورغم هذا، لا ترقى كرة القدم إلى هذا الدور. وهذا ما يؤكده جميع المشككين فيها بالفعل". ويتعين الانتظار حتى يتضح ما إذا كانت كرة القدم الاحترافية ستتغير بالفعل في المستقبل. وقال هورمان: "الأقوال الحالية، يجب أن تتبعها أفعال، وهذا ينطبق على المجتمع ككل وكرة القدم كمثال".