لم يغفل الطبيب وعالم الأحياء البريطاني، ألكسندر فلمنكَ (Alexander Fleming)، أثناء تسلمه جائزة نوبل عام 1945، عن اكتشافه أول مضاد حيوي عرفه العالم "بنسلين" (Pénicilline)، التحذير من استشراء قدرة البكتيريا على تطوير نفسها لتصبح مقاومة للمضاد الحيوي. والآن وبعد مرور أكثر من 90 عاماً على الثورة التي أحدثها اكتشاف البنسلين في مجال الطب الحديث والرعاية الصحية، وصفت منظمة الصحة العالمية الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية بأنها "أكثر المخاطر الصحية إلحاحا في عصرنا الحديث"؛ إذ تهدد "بالارتداد نحو قرن إلى الوراء" عما بلغه العالم من تقدم طبي. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن استهلاك العالم من المضادات الحيوية شهد قفزة هائلة منذ بداية الألفية الثالثة؛ إذ رصدت المنظمة استخدام نحو 34.8 مليار جرعة من المضادات الحيوية كل عام، مع زيادة الاستهلاك العالمي بنسبة 65 في المائة بين عامي 2000 و2015. وتعتبر المنظمة إساءة استعمال مضادات الميكروبات والإفراط في استعمالها المحركين الرئيسيين لظهور الميكروبات المقاومة للأدوية، والتي وصفتها المنظمة العالمية بأنها "وباء غير مرئي" قد يكون "أشد فتكاً على المدى الطويل من فيروس كورونا"؛ إذ يُتوقع أن تتسبب في وفاة نحو 10 ملايين شخص سنويا. وتتمثل خطورة الإفراط في استخدام تلك العقاقير في أنها تسمح للبكتيريا والميكروبات بتطوير نفسها لتصبح مقاومة للمضادات الحيوية؛ إذ يموت نحو 700 ألف شخص في العالم، بينهم 300 ألف طفل حديث الولادة، كل عام، بسبب عدم فاعلية العقاقير المقاومة للالتهابات، وتشير التوقعات إلى أن الأرقام آخذة في الارتفاع. وتتزايد هذه المخاطر أكثر في البلدان (أغلب دول المنطقة العربية) التي لا يتطلب فيها الحصول على تلك العقاقير إلى وصفة طبية.