كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن نصف مليون شخص في العالم يلقون حتفهم سنويا، بسبب الالتهابات المقاومة للأدوية التي تنشأ نتيجة فرط استخدام المضادات الحيوية. وقالت الصحيفة، في تقرير لها، إن استخدام المضادات الحيوية ارتفع بنسبة 65% في جميع أنحاء العالم خاصة الدول النامية، الأمر الذي حذا بخبراء في الصحة العامة إلى الدعوة لوضع استراتيجيات جديدة لكبح الاستخدام المفرط للأدوية، إلى جانب ضرورة تنفيذ استثمارات كبيرة لتوفير المياه النظيفة، واللقاحات في البلدان التي تنتشر فيها الأمراض المعدية. ولفتت الصحيفة إلى أن الاستخدام غير المقيد للمضادات الحيوية هو المحرك الرئيسي لارتفاع الإصابات المقاومة للعقاقير التي تقتل أكثر من نصف مليون شخص سنوياً في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 50000 في أوروبا والولايات المتحدة مجتمعة، محذرة من أن انتشار مقاومة الأدوية يمكن أن يودي بحياة الملايين سنوياً بحلول عام 2050. وكانت مجلة Public Health England ذكرت أنه ما لا يقل عن خُمس المضادات الحيوية التي وصفها الممارسون العامون في إنجلترا للسعال والتهاب الحلق لم تكن ضرورية. ووجدت لجنة من الخبراء عقدتها منظمة PHE أنه في حين أن 13% فقط من المصابين بالتهاب الحلق يجب أن يحصلوا على مضادات حيوية، فإن 59% منهم فعلوا ذلك عندما زاروا الطبيب العام. ولفتت إلى أن الخطر الذي تشكله الإصابات المقاومة للعقاقير خطير للغاية؛ لدرجة أن كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، سالي ديفيز ، أضافت بند "مقاومة مضادة للميكروبات" لسجل المملكة المتحدة الوطني للمخاطر في حالات الطوارئ المدنية قبل خمس سنوات، وحذرت من "سيناريو نهاية العالم" حيث يموت الناس من الأمراض الشائعة والعمليات البسيطة، لأن المضادات الحيوية لم تعد تعمل. وقالت ديفيز لصحيفة الجارديان: "مع تحسن إمكانية الحصول على مضادات الميكروبات فمن المحتم أن يزيد الاستخدام العام، ومن الأهمية بمكان أن نركز على الاستخدام المناسب للأدوية المضمونة الجودة في كل من البشر والحيوانات، ويجب عدم نسيان أهمية المياه النظيفة والصرف الصحي والتطعيم لتجنب الإصابة بالعدوى في المقام الأول". وتلفت الصحيفة إلى أن ما يثير القلق بشكل خاص هو الارتفاع الحاد في الاستخدام العالمي للمضادات الحيوية كملاذ أخير، مثل استخدام عقار "الكولستين"، وهو عقار أعيد استخدامه على الرغم من أنه تم التخلي عنه بالكامل في السبعينيات بسبب سُميته. وأشارت إلى أن "كوليستين" استخدم لعلاج الالتهابات التي لا يمكن نقلها مع أدوية أخرى، ولكن في العقد الماضي انتشرت البكتيريا ذات الجينات المقاومة للكوليستين حول العالم بعد ظهورها في خنزير صيني في منتصف العقد الأول من القرن الحالي. ودعا باحثون إلى "إعادة التفكير بشكل جذري للحد من استهلاك المضادات الحيوية، والدعوة إلى استثمارات كبيرة لتعزيز النظافة، والصرف الصحي، والتلقيح في البلدان التي يكون فيها استخدام المضادات الحيوية صارخًا. وحذروا من أنه وبدون تدخلات جديدة للحد من الإفراط في الاستخدام، فإن عدد المضادات الحيوية التي تم توزيعها عالميا قد يرتفع بأكثر من 200% بحلول عام 2030، من 42 مليار جرعة في اليوم في عام 2015 إلى 128 مليارا.