قال الكاتب والباحث الأمازيغي، أحمد عصيد، إن "مشكلة السلفيين والمحافظين عموما مع المدرسة العصرية تعود إلى فترة نشأة الدولة الحديثة في المغرب، حيث اعتبروها رمزا لإبعاد رجال الدين من وظائف الدولة ومن السلطة والمسؤوليات الإدارية، حيث يقوم التعليم العصري على علوم لا علاقة لها بالعلوم والمعارف الدينية". وذكر عصيد، في تصريح ل"كَود"، أن "الدولة الحديثة أصبحت تستمد أطرها وموظفيها من الجامعات العصرية حيث تكونوا على علوم الإدارة والعلوم السياسية والاقتصادية والقانونية، فصاروا موظفين مدنيين تابعين لإدارة مدنية لا علاقة لها بالمسجد أو بالتعليم الديني الأصيل". و"هكذا اعتبر الفقهاء والدعاة التعليم العصري رمزا لعلمنة الدولة والمجتمع. فركزوا على مادة التربية الإسلامية معتبرين إياها فرصتهم الوحيدة لإجهاض مشروع المدرسة الحديثة وعرقلة أهدافها التربوية". يقول عصيد ل"كَود". ويرى عصيد أن "مشروع السلفيين والإخوان توافق مع مشروع الدولة في عهد الملك الحسن الثاني الذي قرر ابتداء من سنة 1979 أن يحشر في المدرسة المغربية كما هائلا من المضامين السلفية المتشددة، وذلك لمواجهة قوى اليسار الراديكالي آنذاك وكذا المد الشيعي المرتبط بالثورة الخمينية". لكن هذا كله، يضيف عصيد قائلاً: "بدأ يتغير بعد الأحداث الإرهابية بالدار البيضاء سنة 2003، حيث شرعت الدولة المغربية في مراجعة تدريجية لمقررات التربية الإسلامية من أجل تطهيرها من المضامين الخطيرة واللاتربوية التي كانت تملأها، وقد وصل الأمر أن أعلن الملك محمد السادس سنة 2016 عن قراره القاضي بتنقية تلك المقررات من التطرف والتشدد والإرهاب، وذلك في مراجعة شاملة كلف بها لجنة ملكية مختصة". وزاد: "ولا شك أن هجوم الدولة على المدارس القرآنية الوهابية وإغلاق كثير منها كان أيضا وراء المواقف المتشنجة للسلفيين تجاه المدرسة العصرية.ولعل من الأسباب الأخرى لهذا الهجوم السلفي والإخواني على المدرسة المغربية هو ما تعرض له حزب العدالة والتنمية من هزيمة انتخابية جعلت ردود أفعال أتباعه انفعالية وعنيفة ضد الدولة فكان طبيعيا أن يتعرضوا للمضامين الحقوقية الجديدة في الكتب المدرسية بالتهجم والتسفيه وتحريض المجتمع مثلما حدث في قضية الدرس المتعلق بتزويج القاصرات مؤخرا". عصيد ختم تصريحه ل"كَود" بالتأكيد: "ولا ينبغي أن ننسى كذلك أن الكثير من السلفيين هم أقرب إلى الجهل والأمية منهم إلى التعلم، ما يجعلهم يكنون حقدا كبيرا للمدرسة".