ما يحز في النفس أن عبد اللطيف وهبي واحد منا. وأنه من نفس الأسرة. وليس دخيلا. وليس غريبا. وليس مصلحة ضرائب. ويعرف أكثر من غيره كم يضحي المحامون. وكم يخسرون. وكم يساعدون الناس. وكم يخدمون الوطن. ويعرف أكثر من غيره أننا ننتمي إلى مهنة نبيلة. ومقدسة. لا أرباح فيها. وكل من يشتغل فيها يقوم بذلك لوجه الله. ومن أجل الخير العام. مضحيا بنفسه. وبوقته. وبراحته. وأننا لا نملك شيئا مقارنة بغيرنا. وأننا نعيش بالكفاف. وأننا ككل من يمارس مهنة نبيلة يجب أن نكون معفيين من الضرائب. ورغم ذلك فإننا نؤدي قليلا منها. كي نكون قدوة للمهن الأخرى. لكن وبمجرد أن صار عبد اللطيف وهبي وزيرا. تنكر لنا. وللمهنة التي صنعته. ولم يكتف بذلك. بل قرر أن يفضحنا أمام كل المغاربة. وأمام الدولة. وأمام نواب الأمة. وأمام الإعلام. وأمام كل المهن الحرة وغير الحرة. وأن يتحدث عن نسبة منا تفوق تسعين في المائة. لا يؤدون إلا عشرة آلاف درهم كضريبة سنوية. بل منا ما لا يؤدي أي ريال. أي معظم المحامين. أي مهنتنا النبيلة كلها تقريبا تؤدي عشرة آلاف درهم أو أقل منها أو لا شيء منها. أي أنه يريد بذلك القول أننا متهربون. وأننا لا نؤدي واجباتنا. ولا نساهم. ونخل بشرط من شروط المواطنة. بينما هذا كله غير صحيح. وشعبوي. ويخلط بين المهن. لأن المحاماة مهنة لها خصوصيتها. ومرتبطة بالإنسان. وبالعدل. وبالتضحية. ولا يمكن الحكم على ممارسها من خلال الضريبة. وهل يؤديها أم لا. لأن ما يبذله هو أكبر من هذه الحسابات كلها. وهو خدمة الإنسان. ومن العار أن نحاسب من يكون هدفه هو خدمة الإنسان. كما أن السيد وهبي توعدنا بعقوبات. متهما إيانا بخرق القانون. كما لو أنه ليس منا. كما لو أن عبد اللطيف وهبي سيخلد في وزارة العدل. وكما لو أنه لن يعود يوما إلى المحاماة. والأدهى أنه قدم للمديرية العامة للضرائب خدمة مجانية. وشرح لها كيف يمكنها أن تستخلص منا الضرائب. عن كل قضية. وفسر لها ذلك. وساعدها. كأنه صار يشتغل معها. وقال لها بالحرف إنه من السهل بنقرة واحدة معرفة كم من ملف لكل محام. ومن السهل معرفة الأتعاب التي يحصل عليها. وإذا لم تكن هذه وشاية من أخ لنا. فما هي إذن. وما من تعريف للخيانة. وما من تعريف للعقوق. أفضل من هجوم زميلنا علينا. أخونا السابق. و فاضحنا في الوقت الحالي. وكأنه مكلف بمهمة تفقير زملائه السابقين. وكأنه صار خصما لنا. وكأنه لا يحبنا. وكأنه يحمل في قلبه حقدا دفينا علينا. وكأنه يفكر في تغيير مهنته. وكما لم يعد يؤمن أننا نمارس مهنة نبيلة. وكأن بيننا وبينه حساب سابق. وهو الآن يصفيه. وينتقم منا. ويشهر بنا. ويضعنا في موقف حرج أمام الموظفين الذين تثقلهم الضرائب. ويؤدونها مضطرين. ولا يشتكون. مقتطعة من المصدر. وأمام الشعب المغربي الذي يحترمنا كثيرا ويقدرنا. والذي لا يجب أن يسمع كلام عبد اللطيف وهبي. ولا يجب أن يصدقه. ولا يجيه أن يوليه أي أهمية. وفي فترة وجيزة نسي وزير العديل. زميلنا السابق. أننا مهنة نبيلة. وأن المحامي مغلوب على أمره. ومناضل. وإنساني. ويساعد المظلومين. ويدافع عنهم. وفي وقت قياسي تنكر عبد اللطيف وهبي لزملائه. مغترا بالسلطة. وبموقعه الجديد. كأنه لم يكن يوما منا. بينما المواطن ليس مغفلا كي يصدق مثل هذه الحملات. والدولة تعرف كم نحن مواطنون صالحون. وكم نخدم المجتمع. وكم نضحي من أجل الصالح العام. ولن يؤثر ما قاله وهبي على صورتنا لدى الدولة. ولن تسيء بنا مديرية الضرائب الظن. فهي مقتنعة أننا مهنة لا تشبه المهن الأخرى وأن إثقال كاهل المحامي بالضرائب يؤثر على دفاعه عن الناس. ويحبطه. ويجعله حزينا. و عييا. لا يرافع بشكل جيد. ويفكر في مصيره وما عليه أن يدفعه من ضرائب أكثر مما يفكر في مصير موكله. وفي مساعدته على الحصول على البراءه. أو مؤازرته لانتزاع حقه بالقانون. وهذا غير جيد للعدالة. وللحق. وللديمقراطية. ولتنزيل النموذج التنموي الجديد على أرض الواقع. وفيه ضغط على المحامي. وفيه تشتيت لتركيزه على الملفات التي يشتغل عليها. وفيه خطر على المواطنين وعلى مصالحهم وقضاياهم في محاكم المملكة. لكن عبد الله وهبي ولأسباب مجهولة قرر أن يهاجم المحامين في هذه النقطة الحساسة. متجاهلا خطورة وتبعات ذلك على الاستقرار. وعلى النمو. وعلى المسلسل الديمقراطي. ودون سبب مقنع قرر وزير العدل أن يسيء إليهم. وينال منهم. ومهما حاول ومهما تنكر لمهنته ولزملائه فلن ينال منا أولا لأن المحامي لحمه مر. وقادر على الدفاع عنه نفسه. وقادر على الرد على من يهاجمه دون وجه حق. وثانيا. وثالثا. ورابعا. وخامسا. لأن دوره أكبر من هذا. ومن الحساب. ومن أي مبلغ. ومن نسبة 95 في المائة. وما يؤديه هو أكبر من كل هذا. وما يدفعه يفوق كل ضريبة. وكل مبلغ. وما يؤلم أن يأتي ذلك من شخص كان إلى غاية أمس زميلا لنا. وأخا. وكنا أسرة واحدة. وبعد أيام معدودة له في الوزارة يتنكر لنا. كأنه ليس منا. كأنه لم يكن يوما معنيا بالمهنة وبالدفاع عنها. كأنه لم يعد يعتبرها مهنة نبيلة. وفي رمشة عين صار يعتبرها مهنة ككل المهن وعلى مزاوليها أن لا يتهربوا من أداء الضريبة.