أعاد الجدل حول لقاح فايزر بالمغرب، فضيحة لقاحات الوزيرة السابقة ياسمينة بادو، إلى ذاكرة الفاعلين في القطاع الصحي، بحيث أن نفس الشركة (فايزر) خلقت اللغط والفضيحة معا. يوم الخميس 2 شتنبر 2021، ظهرت بقع (نقط) سوداء داخل بعض قارورات لقاحات فايزر، حيث راسلت الأطر الطبية المشتغلة في مراكز التلقيح، المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية. هنا بدأت قصة أخرى، عندما توصل قسم التموين بوزارة الصحة بملاحظات حول القارورات التي ظهرت فيها البقع السوداء، إذا طالب من مراكز التلقيح باسترجاع هذه الجرعات من أجل البحث ومعرفة أسباب النقط السوداء. (الصورة أسفله) وهذا نص الرسالة التي وجهها قسم التموين إلى مراكز التلقيح: nous rendre tous les flacons qui présentent des particules après dilution. Ainsi que les seringues avec lesquelles la dilution a été fait avec la fiche incident dûment remplie. Collez la seringue sur le flacon avec un scotch transparent. Il est à signaler que la comptabilité du vide Pfizer doit faire l'objet d'un traitement/ circuit séparé. الغريب في الأمر، أن إدارة قسم التموين لم تعطي أي تفسير أو تبرير لتلك البقع السوداء. وفي سياق متصل، علمت "كود" أن المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، راسل مديرة مديرية الأدوية والصيدلة بشرى مداح، من أجل البحث والتحقيق في البقع السوداء واتخاذ الاحتياطات اللازمة. وأكدت مصادر "كود"، أن المديرة بشرى مداح، قالت إن المشكل يكمن في طريقة تحضير الدواء (كيفاش كتحضر الحقنة ديال فايزر). "كود" تتبعت خيوط البقع السوداء، من مراكز التلقيح إلى مراكز التخزين بالدار البيضاء وصولا إلى قسم التموين بالرباط، حيث كشفت هذه الخيوط تواطؤات ورطت مسؤولين بوزارة الصحة مع شركة خاصة في فضيحة "ضياع" جرعات لقاح فايزر وعدم القابلية للاستعمال البشري لهذا اللقاح. بالنسبة لخبير في قطاع الأدوية، تحدث مع "كود"، هناك احتمالين لا ثالث لهما فيما يتعلق بأسباب ظهور بقع سوداء في قارورات لقاح فايزر: الاحتمال الأول، أن يكون اللقاح غير صالح، وهو احتمال ضعيف جدا بحيث أن اللقاح يتوفر على الترخيص الاستثنائي بالمغرب، والشركة الممثلة في بلادنا مصرح بها، هنا وزارة الصحة لم تصرح بفساد اللقاح وكذا الشركة الأصلية في أمريكا لم تعطي أي بيانات (pharmacovigilance) بهذا الخصوص. الاحتمال الثاني، الأقرب إلى الحقيقة (هذا ما سنوضح لاحقا)، هو أن الحقن المستعملة فاسدة وغير صالحة. حيث أنه من الممكن أن المادة المطاطية السوداء بالحقن قد تفتت، مما تسبب في ظهور البقع السوداء داخل قوارير اللقاح أثناء التحضير. للتحقق أكثر من فرضية "فساد" الحقن، حصلت "كود" على وثائق صفقة استيراد 10 مليون حقنة من الصين، وهي الصفقة التي نالتها شركة لم تسجل المنتوج (الحقن موضوع الصفقة) لدى مديرية الأدوية والصيدلة، بل أكثر من ذلك لم يتم احترام الشروط العلمية والتقنية في استيراد الحقن، أي أنها دخلت من الصين إلى المغرب بطريقة غير قانونية (كونتر بوند). استيراد الحقن من الصين..تواطؤ بين شركة محظوظة ومسؤولي الصحة وفي بحثنا عن أصل الحقن غير المسجلة والفاسدة، توصلت "كود" بمعطيات حصرية حول الشركة التي نالت صفقة استيراد 10 مليون حقنة من الصين، ويتعلق الأمر بشركة ("JSM COMPANY")، التي أبرمت يوم صفقة مع وزارة الصحة تحت رقم 153/2020، حيث سلمت جزء من الطلبية يوم 4 ماي 2021، مع العلم المبلغ الإجمالي للصفقة يناهز 16 مليون و200 ألف درهم. وبالعودة إلى وثائق حصلت عليها "كود"، فإن الشركة تمكنت من استيراد الحقن وإدخالها إلى المغرب "مهربة" عبر الجمارك المغربية وبمساعدة من مديرة مديرية الأدوية والصيدلة، وذلك حتى قبل حصولها على التراخيص الضرورية، إضافة إلى أنه أثناء عقد الصفقة، لم تتوفر الشركة على التراخيص الخاصة لتسويق هذه المنتوجات (الحقن) المغرب، حسب الفصل 12 من قانون 84/12 الخاص بالمستلزمات الطبية. تلاعبات في محاضر تسليم "الحقن الصينية" حصلت "كود" على وثيقتين متناقضتين، صادرتين عن مصلحة التسلم (عملية تسلم المنتوجات تتم بمراكز التخزين التابعة لقسم التموين). الوثيقة الأولى تفيد بأن تسلم هذا المنتوج "الحقن" مرفوض نظرا لعدم استيفاء الشروط التقنية والقانونية لاستعمال هذه الحقن في عملية التلقيح، خصوصا وأن هذا المنتوج غير مسجل لدى وزارة الصحة. (BL04/05/21). هذه الوثيقة التي تسمى ب"محضر التسلم"، تعتبر ضرورية من أجل تسلم الحقن، شابتها تلاعبات. الوثيقة الثانية (محضر جديد لنفس المنتوج ولنفس الشركة ولنفس الصفقة)، تقول العكس وتصرح بأن المنتوج مستوفي للشروط العلمية والقانونية وقابل للاستعمال (BL 7/05/2021). يعني أن نفس مصلحة التسليم التابعة لقسم التموين، وقعت وثيقتين متناقضتين (مع وجود توقيعات لنفس المسؤولين في الوثيقتين)، الأولى تقضي برفض المنتوج بتاريخ 04 ماي 2021، والثانية تقضي بقبول المنتوج بتاريخ 27 ماي 2021. والأخطر، حسب مصادر ل"كود"، هو أن قسم التموين وجه مراسلة بتاريخ 14/07/2021، إلى مصلحة التسلم في مركز للتخزين تابع لقسم التموين، دون إرفاقها بشهادة التسجيل الخاصة بالمنتوج، بحيث اكتفت المراسلة فقط بذكر طلب الحصول على شهادة التسجيل وجهته شركة JSM COMPANY إلى مديرية الأدوية والصيدلة، مما يؤكد المعرفة المسبقة لقسم التموين بكون هذه الحقن غير مسلجة ومهربة، وهو ما يعني وجود شبهة "تواطؤ" بين الشركة وقسم التموين ومديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة. ولقد تم تسليم الحقن يوم 27 ماي 2021 إلى مركز التخزين بالدار البيضاء، رغم أن المنتوج لا يتوفر على شهادة التسجيل. ولكي تستر مديرية الأدوية والصيدلة بشرى مداح على هذه الفضيحة، عمدت على إصدار شهادة التسجيل يوم 2 يوليوز 2021، أي بعد مرور أزيد من شهرين على استيراد (كونتر بوند) وتسلم المنتوج. استيراد بطرق غير قانونية..ورطة مديرة الأدوية والصيدلة "مداح بشرى" أثار إدخال 10 مليون حقنة من الصين إلى المغرب، بدون شهادة التسجيل، سؤال المراقبة لدى الجمارك، إذ تتساءل مصادر بالوزارة ل"كود" :"كيف تم ادخال هذا المنتوج بطريقة غير قانونية؟ وهل هناك تواطؤ بين مديرة الأدوية والصيدلة وبعض المسؤولين في الجمارك؟". هنا، لابد من التذكير إلى تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول الصفقات التفاوضية التي أبرمتها وزارة الصحة في فترة تدبير جائحة كورونا، الذي أشار إلى أن مديرة مديرية الأدوية والصيدلة بشرى مداح، سهلت عملية استيراد المنتجات الطبية من الخارج بطرق غير قانونية، وذلك من خلال التأشير غير القانوني على فاتورات الاستيراد لعدد لا يستهان به من الشركات المحظوظة. ومن الشركات التي ذكر اسمها في تقرير المهمة الاستطلاعية، نجد شركة JSM COMPANY، موضوع هذا التحقيق. أي أن هاد الشركة ومديرية الأدوية مبغاوش يحشمو وكملو فالخروقات رغم التقرير الأسود للمهمة الاستطلاعية. شهادة إدارية تورط وزير الصحة في هذه الصفقة التفاوضية أصدر خالد أيت الطالب، وزير الصحة، شهادة إدارية لشركة JSM COMPANY، تحمل توقيعه، لكنها غير مؤرخة ولا تحمل رقم الصفقة التفاوضية. وأوضحت مصادر "كود"، وجود شبهة محاباة بين هذه الشركة والوزارة، بناءا على علاقة صداقة بين الوزير ومسؤول بهذه الشركة (س.ج). هذه الشهادة، حسب خبير في الصفقات بوزارة الصحة، رفض الكشف باسمه، بمثابة "كارط بلونش" عطاها الوزير للشركة. وطبعا هي وثيقة غير قانونية حيث مافيهاش التاريخ ورقم الصفقة.