استغرب كثيرا لموقف الجزائر هذه الايام من كل القضايا التي تهم الدول المغاربية وعلى راسها بعث اتحاد المغرب العربي من جديد أو مشروع الاتحاد المغاربي كما بات يروج له، البارحة وانا اتابع برنامجا حواريا على فرانس 24 حول الاتحاد المغاربي اثارني تدخل الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الجزائري بوگطاية، مداخلة مشحونة بعداء غريب تجوز بمنطق المتغيرات التي عليها الدول العربية اليوم فيما بات يعرف بالربيع العربي، فالرجل ظهر من خلال لهجته المتعصبة منزعجا من التقارب المغربي التونسي حتى إنه شكك في مساعي الرئيس التونسي المرزوقي لاحياء اتحاد المغرب العربي الذي سيكمل هذا الشهر ربيعه الثالث والعشرين، بل استهزأ منها بلغة تنطق الحقد الدفين لكل تقارب مع المغرب مستحضرا من حين لآخر جمهورية الوهم وضرورة إقامتها حتى يتحقق المغرب العربي أو بالاحرى المغرب الكبير. موقف المسؤول الجزائري يعكس الموقف الرسمي للجزائر بالأمس واليوم وهو الكيل بمكيالين ولبس القناعين؛ الدعوة لبناء الاتحاد المغاربي من جهة وعرقلة ذلك من خلال دعم واضح ومتواصل لقيادة البوليساريو، شخصيا قد اجد تبريرا جانبيا لموقف الرجل السبعيني اولا خروجه للتقاعد السياسي مع جيله دون ان ينال من وحدة المغرب وثانيا سحب الربيع العربي تدريجيا البساط من تحت أقدامه وأقدام جيل من الجنرالات الشيب من عرابي قيادة البوليساريو الذين قاوموا الربيع العربي بالقمع ونسوا ان العالم يتغير من حولهم. شيء جميل ان يمد المغرب يده للصلح كل مرة للجزائر والدعوة الى فتح الحدود وتجاوز الخلافات وهذا ما عكسته الخطب للملكية الاخيرة واتضح بجلاء من خلال الزيارة الاخيرة للدكتور سعد الدين العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون للجزائر، صور جميلة بالغة في التعبير عن حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، لكن في العمق لا شيء يبشر بمستقبل جيد للعلاقات مادام المشهد السياسي على حاله، بل هو نفاق لا أقل ولا أكثر ولغة ديبلوماسية عراها منصف المرزوقي من خلال زيارته للمغرب وتصريحاته المتفائلة والملحة على ضرورة قيام اتحاد مغاربي قوي ومتماسك بدوله الخمسة، وهي الزيارة التي بدون شك احرجت الجزائر ووضعتها امام الامر الواقع وهو تجاوز الخلافات وتغليب المصلحة العليا للبلدان الخمسة. حماس كبير وحلم عظيم ذاك الذي جاء به الرئيس التونسي للمغرب وهو إقامة اتحاد مغاربي قوي ومتماسك سياسيا واقتصاديا، نظريا الامر جيد وعظيم لكن عمليا الامر صعب التحقق فبغض النظر عن حسد الجيران على الوحدة، واقتصد الاتحاد الاوربي، فالمشكل مايزال ذاتيا وأصله الجزائر ذات الوجهين. حلم المرزوقي ومعه المغاربة أرى بأنه سيؤجل الى حين انتظار الانتخابات التشريعية ونتائجها بالجزائر الصيف القادم وان تمر بنزاهة وان تفرز برلمانا جديدا شكلا ومضمونا آنذاك يمكن التفكير الجماعي في الاتحاد