أمس لاعبنا النيجر في لقاء "مصيري" للمنتخب المغربي. ستقولون "كيفاش مصيري وقد أقصينا؟". سنجيبكم على الفور "غير بالتي علينا"، ثم سنقول إن اللقاء مصيري بالفعل لأنه سيقول لنا هل سنرجع من الغابون بخفي حنين أم بصفر خف من حنين أم بثلاثة حنينات لطيفة تنسينا مافعلته بنا رباعة علي الفاسي الفهري من مصاب جلل ألم بالمشهد الكروي المغربي، وبالمشهد العام كله في البلد وجعله يستعيد نغمة الخسارة والاكتئاب التي اعتقدنا أنا قد انتهينا منها إلى أبد الآبدين. منتخب النيجر ليس منتخبا سهلا، وقد أظهر في لقائه ضد التونسيين أنه قادر على الوصول إلى مرماهم كل مرة، ولولا حظ التونسيين الكبير لخرجوا بهزيمة مدوية أمام هذا الفريق. ولنا في الحقيقة أن نتساءل نحن عن مصيرنا أمام هؤلاء الشباب النيجريين ونحن ندخل المباراة الثالثة بمعنويات محطمة للغاية، وبلاعبين لايستطيعون الصبر على أكثر من عشرين دقيقة من الجري، وبمدرب يفاوض في الغابون فرقا فرنسية أخرى من أجل أن يتولى مسؤوليتها بعد أن ينهي "اشتباكه" مع الفريق الوطني، وبمسؤولين جامعيين "المخير فيهم عمرو ماضرب كرة فحياتو" ورغم ذلك حصلواعلى مايفوق الستة ملايين من السنتيم لقاء مرافقة المنتخب المغربي إلى الغابون، وبرئيس جامعة لايعرف أن الجمع بين الماء والكهرباء دفعة واحدة يعرض صاحبه للتماس الكهربائي القاتل، فما بالك إذا أضاف للماء والكهرباء اللعب بالكرة، وهو لعب خطير لا مجال فيه "للعب" نهائيا، وإلا أدى الإنسان الثمن فورا و"كاش" وأمام أنظار الجميع مثلما وقع لنخبتنا المنصورة بالله.
لنعد إلى النجير, فهي أفضل لنا من منتخب علي الفاسي والرباعة. هذا المنتخب حاول بالأمس أن يسجل أول انتصار له في التاريخ على منتخب المغرب في كأس قارية، وهو حقه المشروع على كل حال، فيما نحن حاولنا أن نخرج ولو بنقطة يتيمة من المونديال الإفريقي إذا ما استحال علينا الخروج بنقط اللقاء الثلاثة التي تعني انتصارنا الأول في المنافسة.
نقول حاولنا لأننا لانعرف ونحن نكتب هذه الأسطر الروح التي دخل بها الفريق الوطني المباراة، ولا نعرف أساسا من هي التشكيلة التي اعتمد عليها "المسيو غيريتس"، ولا نعرف إن كان اللاعبون قادرين على الجري "شي ربع ساعة" أو أن فخامتهم المعظمة بالله، والمنفوخة كذبا بالصحافة المداهنة لن تسعفهم على بذل القليل من الجهد معنا، وإقناعنا أنهم يصلحون لشيء في هاته الحياة. أيضا لانعرف إن كان السيد علي الفاسي الفهري قد اتخذ قراره أم لازال مترددا في الرحيل عن وجه الجامعة المغربية لكرة القدم. نريد من الرجل جوابا واضحا بهذا الخصوص ولا نريد منه أن يبحث لنا عن أي كبش فداء آخر سواه لأن الشعب المغربي كله مقتنع أن الرجل يتحمل مسؤولية الفشل الذريع الذي وقع في الكأس القارية. ولن نشغل بالنا مع أي تفصيل آخر اللهم تفصيل ضرورة رحيل علي الفاسي الفهري عن الجامعة، وضرورة إدخال الديمقراطية إلى هذا الجهاز الذي عششت فيه كثير الممارست الفاسدة، وبعدها لكل حادث حديث.
حينها فقط سنبحث عن بديل لغيريتس، أو سنتركه في منصبه، الأمر سيان. حينها فقط سنتيح للمدربين "بالعرام" الذين يتحثون في وسائل الإعلام المغربية هاته الأيام أن يدربوا النخبة، أو سنقرر استقدام مدرب من الغابون أو تونس أو النيجر - لم لا في نهاية المطاف؟ ألسا منخرطين في طور التجريب والتجريب المستمر إلى ما لانهاية – حينها سنقرر تغيير الوجوه الكالحة في المنتخب بوجوه أكثر نضارة وأكثر قدرة على العطاء، حينها سنبحث لأنفسنا عن حل باختصار. لكن وقبل ذلك، السيد علي عليه ألا ينسينا جوهر الموضوع ولبه. هو عليه أن يدفع الثمن. عندما ذهب المنتخب إلى ماربيا وهي بلدة إسبانية راقية للغاية يقصدها الخليجيون للتبضع وممارسة بعض الحياة التي يستحيل عليهم أن يمارسوها في بلدانهم الأصلية، لم نقل لعلي والرباعة شيئا. قلنا "ماربيا، ماربيا، الله يخلي غير الصحة والسلامة". لم نقل إن الجو لايشبه الجو ولا أن ماربيا هي منتجع سماسرة الكرة المفضل وأن أشياء غير واضحة ربما هي التي حتمت هذا الاختيار, خصوصا وأن المنتخب ذهب إلى الغابون حافلا بعدد كبير من اللاعبين الذين لايلعبون في أنديتهم والذين كان يهمهم ويهم سماسرتهم أن يراهم الناس يلعبون.
لم نقل شيئا، وعوض ذلك قلنا "ليتحمل علي مسؤوليته". اليوم يجب أن يفعلها. السيد علي، لن أمل من قولها لك يوميا أنا على الأقل ومعي عدد كبير من المغاربة: إرحل فورا سيدي، ذلك أكرم لك بكل تأكيد.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق أريد أن أفهم ما الذي تعنيه عبارة "السينما النظيفة" بالتحديد. هل هي السينما التي مرت من "ماكينة الصابون"؟ أم هي السينما التي أزلنا عنها الغبار والصدأ وقمنا بعملية تنظيف عميقة لها؟ أم هي السينما التي يوجد فيها أكبر عدد من عاملات النظافة من أخواتنا الصابرات الحاملات للجفاف والكراطة؟ السينما النظيفة مصطلح أصادفه في كثير الأمكنة هذه الأيام, وأقسم أنني لا أفقه له معنى, ولم يسبق لي أن التقيته في بلد تتوفر فيه سينما حقيقية. ينشر العمود في "كود" باتفاق مع الكاتب