في مثل هذا الوقت من كل سنة يتحدث المقرىء أبو زيد عن الدلاح. دائما. دائما. وفي هذه الفترة بالضبط. يهاجم المقرىء دلاح زاكورة. حتى صار ذلك عادة. وتقليدا متبعا من طرفه. صار موعدا سنويا. حتى صار هذا الدلاح قضيته. حتى صار عدوا له. يحاربه بكل ما أوتي من علم وقوة. ويحذر منه الناس. ويشتمه. ويعيره. ويكفر الدلاحة. ويراقبها عن كثب. ويربت عليها. ويزنها. ويتأملها. ويدقق النظر فيها. ويصفعها. وتشعر به أنه يريد أن يشقها. وأن يغرق فيها. وأن يلتهمها كاملة. وتحس أن دلاحة زاكورة تضايقه وفي نفس الوقت تغريه. بينما يفضلها دكالية. لكنه لا يستطيع معها صبرا. و لا يقدر على الانتظار إلى شهر غشت. ويرى أن دلاح زاكورة طارىء ودخيل ومعدل جينيا. ويؤمن أن دلاح دكالة أصيل ولم يتعرض لأي تعديل. ولا لأي تهجين. وهذا وهم. وهذه طهرانية دلاحية. وهذا ادعاء نقاء لا شيء يثبته علميا. وهذا يمكن تفسيره بنزعة قبلية عروبية تنتصر لدلاح دون غيره. ورغم ذلك. يسيل لعاب المقرىء. ويفكر في دلاح زاكورة. ويحاضر فيه. ويفتي. ويحاصره. ويصبح بسببه عالما. ومختصا في البذور المعدلة وراثيا. ففي عام 2017. وفي ندوة نظمتها حركة التوحيد والإصلاح بالفنيدق. قال المقرىء بالحرف إن"أكل دلاح زاكورة عندي مثل شرب الخمر، لأنه حرام أن أشتري دلاحة لذيذة وأستمتع بها ويربح معي الفلاح مقابل أن تكون المنطقة في العشر سنوات المقبلة غير قابلة للزراعة". رغم أن آكلها لا يترنح. ولا يتعتع. وهذا يعني أن حد ملتهم الدلاحة هو أربعون جلدة. فإن لم يرتدع. واستمر في أكلها. وهو يعرف أنها من زاكورة. صارت ثمانين جلدة. ومن كلام المقرىء نستشف أن الدلاح يدوخه. وهو خمرته. وهو شرابه. وهو حياته. وهو وجوده. لكنه يرفض دلاح زاكورة. منتصرا لدلاح آخر. قريب منه. فيؤدلج القضية. ويسيسها. موظفا الدين في الدلاح. وبعد أن كان في الأعوام الماضية يبرر ذلك بحاجة زاكورة إلى الماء. وأن الدلاح يشفطه بالكامل. ركز المقرىء أبو زيد هذه السنة على أن دلاح زاكورة معدل جينيا. وأن به هورمونات حيوانية. وأنه محقون. وبداخله دودة كما قال بعظمة لسانه. ورغم كل هذا الهجاء لدلاح زاكورة. ودون أن يشعر. يعترف. ويقول إن هذا ما يفسر"مذاقه الحلو و حمورته الشديدة". وتصده دلاحة زاكورة. ولا تبالي بها. لكنه. وفي لا شعوره. يريد أن يأكلها. يريدها أن تعود أصيلة. يريد أن يعود بها إلى الماضي. وإلى الدلاح الأول. وقد يكون السبب هو تعصبه لدلاح آخر. وهو رفض للآخر. وللغريب. وهو انغلاقه. وخوفه من الجديد. وهوسه في نفس الوقت بالدلاح. وهو نزعته المحافظة. وبعظمة لسانه قال أيضا إن "التوت" فيه جينات الدب القطبي. كي يصبح قادرا على تحمل البرودة. أما الدلاح. فلم يخبرنا أي هرمونات. وأي جينات حقن بها. وهل الحمار. وهل البغل. وهل الكلب. وهل الدجاج. وربما في السنة القادمة. أو في التي بعدها. سيتوصل المقرىء إلى الجينات الحيوانية التي في دلاح زاكورة. ويكتشف يهودا في الدلاحة. ونصارى. وماسونية. وسيكتشف معركة هرمجدون بعد شق الدلاحة. وأن المسيح الدجال مختبىء في بطنها. لكن كيف يمكن التمييز بين أنواع الدلاح. وكيف نعرف أن هذه دكالية وتلك زاكورية بعد أن يختلط الدلاح كله في شهر غشت. وكيف نميز بين البيو وبين المعدل بعد أن صار كل شيء معدلا. بينما يستهدف المقرىء أبو زيد الدلاح لوحده. ويتلمظ. ويكفهر. ويسيل لعابه. وتشعر به أنه يريد أن يشقها يريد أن يلتهم كل هذا الدلاح المكدس في الشاحنات وفي العربات. يريده له وحده. فيتراجع. ويتمالك نفسه إلى أن تنضج دلاحته الدكالية المفضلة. والتي من أجلها وفداء لها تحول إلى عالم جينات وراثية واكتشف دبا قطبيا في حبات الفراولة. ودودة في دلاحة زاكورة.