عودة إلى الوزيرة الواحدة والوحيدة في الحكومة الحالية. من ينظر إلى الصورة العائلية لملك البلاد مع الحكومة الحالية سينزعج كثيرا من الوقفة التي وقفتها السيدة بسيمة الحقاوي، سواء اختيارا أو جبرا، من وراء .. حجاب السيد نبيل بنعبد الله والسيد ادريس الضحاك. لا تبدو المرأة واضحة الحضور، بل كما لو أنها مجرد تعلة pretexte : فهي في الصف الخلفي، إذا قارناها بوضوح صورة عزيز أخنوش مثلا، نجد الفرق شاسعا، ويكاد يكون مستفزا. وهي تبدو على طرف نقيض من رجل الأعمال، كما أنها وراء زعيم الحزب التقدمي في الحكومة. حقاوي قالت بأنها الوحيدة التي تقدم حزبها باسم امرأة. وسبق أن قالت في هذا الصدد إن الحزب أنقذ ماء وجه الحكومة ولو بوجه أنثوي واحد، من وراء حجاب.
لكن إذا افترضنا أن الحزب الذي يملك 11 حقيبة تقدم بامرأة واحدة للحكومة تضم 31 وزيرا، فهل إذا ما طبقت النسبة على الأحزاب الأخرى سنحصل على امرأة كاملة أم نصف أم أربعة أخماس امرأة مثلا، من لدن التقدم والحركة . أم سيكون على حزبين أن «يتناقشا» في امرأة واحدة، بناء على النسبة التي تم بها الاختيار..
والغريب أن الذين اختاروا السيدة حقاوي قالوا بأن الأحزاب الأخرى لم تختر، لكن إن كان هذا الشرف قد عاد للحزب المحافظ الأول، فهل ستتعايش الأحزاب حول هذه القضية أم ستعمل بنصيحة مستشارين إعلاميين يدعونها إلى تدارك الأمر في الشهور القادمة. كيفما كان الحال، فإن التبريرات التي قدمتها بعض الأحزاب، ومنها التبرير الذي تقدم به السيد نبيل بنعبد الله، من النوع الذي يشبه الإعلان عن الكارثة. إذ تقول هذه الأحزاب إنها لم تجد ( هذه صيغة مهذبة للإعلان عن الإفلاس) النساء اللواتي يستجبن للحقائب التي عرضت عليها .
طبعا مثل هذه التبريرات، في الوجه الآخر للعملة، تعني بالدارجة «حنا ما عنداش النساء اللي يليقوا وزيرات في الاسكان أو في السياحة أو في التعليم). وهي تبريرات تعلن، أن النساء المناضلات في هذه الأحزاب، أو العضوات بالنسبة للأحزاب التي لا تقر بنضالية أعضائها، بل بانتمائهم فقط، كلهن لا يلقن وزيرات. فهل يمكن أن نلوم المغاربة غدا إذا ما اقتنعوا بأن الأحزاب لا تملك الكفاءات؟ طبعا ، لا! هل سنلوم الناس إذا ما ترسخ في أذهانهم بأن الأحزاب لا تجد سوى البرلمانيات، أما الوزيرات فإنهن غير موجودات؟ طبعا لا.
لكن الواضح أن خط الفصل بين النوايا والاعتماد البشري المادي ، واضح للعيان، بل إن الإشكال يتعلق بقضية طالما اعتبرنا بأن النقاش فيها تم حسمه. ومن غريب التعليلات، أيضا، أن يقال بأن «الديموقراطية» هي التي حسمت في الحقائب، وهي التي أقصت النساء. على حد هذا التبرير، فالديموقراطية منعدمة في الأحزاب التي تنال فيها النساء مسؤوليات واضحة ووازنة تصل إلى أزيد من 30 % وهي منعدمة، أيضا، في البرلمان، الذي يضم أزيد من ثلث النساء. وهي، أيضا، غائبة في المؤسسات العمومية والشركات والمناصب السامية الأخرى حيث النساء..
وحاضرة فقط في الحكومة .. التي لا نساء فيها بالقدر الواجب. إذا دخلت الديموقراطية، أخرجت المرأة: فهل يمكن أن نقبل بمثل هذا التعليل والتحليل. لا يجب أن ننسى ما قيل ذات برنامج « حَلِّينا حريرة الرجال، بقاو لينا غير العيالات» من القائل وما المناسبة؟
نترك لبعض الزملاء «المتحمسين» أن يعودوا إلى مسوداتهم في القضية. وأتصور لو أن حزبا ما من الأحزاب التي ينادي دمها أسماك القرش من كل نوع ( السمك والمال، أيضا، لأن هناك؛ في جسدنا الصحافي أسماك القرش الأبيض لليوم الأسود، وسنعود إليها حين تحين المناسبة). فهل كانت هذه التبريرات ستقبل؟ طبعا لا.
وقتها كانت العناوين ستكون غير العناوين والافتتاحيات غير الافتتاحيات. والمهم الله يخلينا على صباغتنا يا كريم يارب. أما المرأة فأمامها وقت غير قليل لكي تهضِم هَضْم حقها.. فلم يعد صوتها فقط عورة، بل، أيضا، حقيبتها الوزارية، وفي ذلك فقد اعتمد الزعماء الذكور على قولة «وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة»!! ينشر عمود "كسر الخاطر" لعبد الحميد جماهري رئيس تحرير "الاتحاد الاشتراكي" في "كود" باتفاق مع الكاتب