لم يكونوا حمقى. لم يكن أعضاء المجلس الجماعي لمدينة تمارة مجانين. ولم يكونوا بالضرورة سلفيين. ولم يحتفوا بالتطرف. ولم يشيدوا بالإرهاب. حين اختاروا أن يطلقوا على عدد من الأزقة والشوارع في مدينة تمارة أسماء شيوخ ودعاة من التيار السلفي. من الخليج ومن المشرق. بل إن حكمة تكمن خلف كل اسم من تلك الأسماء. ولنركز مثلا على زنقة حمد الدهلوس. ولنتأمل لقبه. وصورته. إنه يثير الخوف والرعب في النفوس. ويدهلس كل من يقترب من زنقته. ومن بين كل السلفيين المعروفين. اختار حزب العدالة والتنمية هذا الاسم. ومنحه تلك الزنقة بالضبط. ولم يقم بذلك اعتباطا. بل بهدف ترشيد نفقات مجلس الجماعة. وأن تكون لك زنقة اسمها الدهلوس. فهذا يعني أن لا لص سيتطاول عليه. ولن يجرؤ مجرم على الاقتراب من زنقته. وسيحرسها. وسيحميها. وسيجاهد فيها. ولن تلعب بنت بذيلها والدهلوس ثابت في الحيطان. وفي المنعطفات. وعينه على الجميع. ولن يحدث غمز. ولن تسمع بصبصة. ولن يرمي أحد الأزبال. ولن يسكن أحد في تلك الزنقة. ولن يقع ازدحام. ولن يقترب من الدهلوس الباعة المتجولون. ولن يمر سكير منها. وإلا دهلسه. ويكفي أن تتذكر الدهلوس وستزول أثر الخمرة من رأسك في الحين. وبعملية حسابية. فقد اقتصد المجلس الجماعي لتمارة في ميزانية النظافة. كما أنهم حدوا من الجريمة. ومن عممليات النشل. كما أنهم حافظوا على الأخلاق. ومنعوا الاختلاط. وكل هذا بمجرد دهلوس واحد. ولذلك فإن المجلس الجماعي لتمارة يستحق الإشادة على ما قام به. وليس هذا الهجوم غير المبرر. ولنتأمل كل الأسماء. ولنتأمل سلفنة وأسلمة وخلجنة شوارع مدينة تمارة. لنتأمل زنقة خالد سلطان على سبيل المثال لا الحصر. فما الذي يميزه إنه ينظر إلى سكان تمارة نظرات شزراء. ويقدح شررا. فارضا بذلك النظام. وبوجوده في تلك الزنقة فلن يرفع أحد رأسه. ولن يسمع كلام ناب فيها. ومن يرتكب أي مخالفة. ومن يصفر. ومن يلعب. يتم تعزيره في الحين. وقد ساعد المجلس الجماعي بذلك السلطة. وبلحية وبعيون متجهمة فقط. لم تعد تمارة في حاجة إلى دوريات الأمن ولا إلى قوات مساهدة. لأن الدهلوس يقوم بهذا الدور لوحده. ويدهلس كل من لم ينضبط. ومن لم يحترم القانون. وقد لاحظ المجلس الجماعي لتمارة الاكتظاظ السكاني الحاصل في المدينة. وقد لاحظ اضطرار الموظفين إلى الاستقرار فيها. وكي لا يقع عليها الضغط. ويأتي إليها كل الهاربين من الرباط. فقد دهلسها. ويجب أن تكون متهورا حتى تفكر في كراء أو شراء شقة في زنقة الدهلوس. ويجب أن تكون فاقدا للأمل. ويجب أن تكون الخطوب مدلهمة. يجب أن تكون مدهْلَسا بالكامل. وليس هذا فحسب. فهذه الخطوة التي أقدم عليها المجلس الجماعي لتمارة لها إيجابيات كثيرة. وفي ما قبل. كان السلفي الصغير يسافر بحثا عن الدهلوس. وكان يغامر بحياته. وكان يتطرف. ويذهب إلى أفغانستان. ويموت في تورا بورا. أو في الرقة. أو يقبض عليه الأكراد. أو تقع عليه قذيفة من السماء. أو يتفجر بحزام ناسف. أما الآن فلم يعد في حاجة إلى ذلك. بعد أن وفر له حزب العدالة والتنمية دزينة من السلفيين في مدينته. وملأ بهم الأزقة. والشوارع. أما الآن فقد أصبحت السلفية الوهابية بين يديه وأصبح التطرف اسما لشارع وأصبحت مدينة تمارة متحفا مفتوحا للوهابيين والسلفيين من الدرجة الثانية. وأصبح لزاما على سكان تمارة أن يتأملوهم كل يوم وهذا كله بعلم وزارة الداخلية. وبعلم أحزاب المعارضة. وبموافقتها. على دهلسة مدينة بكاملها. وأينما وليت وجهك تجد سلفيا ينظر إليك نظرات شزراء وكما لو أن الشوارع تتهددك وكما لو أنك مار من زقاق ملغوم.