عبد النباوي يريد «حربا بلا هوادة» على الفساد. الوكيل العام للملك، وفي كلمته بمناسبة افتتاح السنة القضائية، أول أمس الأربعاء، وجه رسائل حملت قراءات عدة. أبرز هذه الرسائل كانت مباشرة وخص بها أعضاء النيابة العامة، إذ دعاهم إلى الإسهام في محاربة الفساد، وجعل مقتضيات الدورية رقم 1 الموجهة إليهم يوم 6 يناير الجاري، في مقدمة اهتماماتهم بتنفيذ محتواها وفقا للقانون، دون الإخلال بالضمانات الحقوقية وبقرينة البراءة. عبد النباوي استغل المناسبة أيضا لإثارة مسألة أخرى مهمة وهي نشاط محكمة النقض. فخلال استعراضه لحصيلة هذه الهيئة، في السنة الماضية، قدم مجموعة من الأرقام التي كان لها دلالات عميقة ومعبرة عن عمل المحكمة وجودته، كما أنها شكلت بالنسبة للنيابة العامة مؤشرا للتفكير في التصورات الممكنة لتطوير المهارات وتحسين جودة الخدمات القضائية. وفي هذا الصدد، قال إن سنة الماضية تميزت برقم قياسي لم يسبق له مثيل في ارتفاع عدد القضايا المسجلة، إذ بلغت 51591 قضية بزيادة 9030 قضية عن سنة 2018 التي لم يتجاوز فيها العدد المسجل42561 قضية، وهو ما يشكل نسبة ارتفاع قدرها 21.21%، وزاد موضحا «هي وتيرة مستمرة منذ سنوات. تتطلب البحث عن حلول من طرف السلطة القضائية أولا، التي يرجع إليها موضوع تدبير التسيير القضائي، وكذلك من طرف الحكومة والبرلمان التي يرجع إليها أمر اقتراح وصياغة التشريع. وذلك لأنه ينذر أن توجد محكمة عليا في العالم، تسجل هذا العدد من القضايا. ذلك أن المحاكم العليا ببعض الدول التي يكاد عدد سكانها يقارب ضعف عدد سكان المغرب لا يسجل سوى نصف هذا العدد». وإذا كانت محكمة النقض عرفت تسجيل 51591 قضية جديدة، فإن قضاتها، يؤكد محمد عبد النباوي، كانوا مطالبين كذلك بالبت في 46727 ملفا متخلفا من السنوات الفارطة، أي أن عدد الملفات الرائجة بالمحكمة خلال سنة 2019 ناهز 97712 ملفا، حُكِمَ منها 46727) أي 47.82 في المائة (وتبقى 50985 ملفا) أي 52.17 في المائة، ، هي الرصيد السلبي الذي استقبلت به المحكمة سنة 2020. لذلك، يوضح، فإنه «رغم المجهود الجبار الذي يبذله قضاة محكمة النقض لتصفية القضايا، فإنه لن يؤدي إلى تحقيق التوازن. حيث استطاع رؤساء الغرف والمستشارين إصدار قرارات في حوالي 47 ألف ملف (46727) بزيادة 6816 قرارا عن سنة 2018 (39911 قراراً فقط)، غير أن المحكوم كان أقل من المسجل بحوالي خمسة آلاف قضية (4864)»، زاد مفسرا «هي نسبة يصعب تداركها، ولو عن طريق إضافة مستشارين جدد، وذلك لأن اكتساب مهارات قاضي النقض يتطلب وقتا طويلا من الممارسة الفعلية بهذه المحكمة. فضلا على أن البت فيها يتطلب إضافة 20 مستشارا جديدا، باعتبار أن معدل إنتاج كل مستشار يقارب 250 ملفاً في السنة». واستغل رئيس النيابة العامة فرصة تسليط الضوء على هذه النقطة لتجديد الدعوة للحكومة وللمشرع من أجل «النظر في وضع معايير قانونية موضوعية للطعن بالنقض، تقصر استعماله على القضايا الهامة فقط. أو تخضعه لشروط موضوعية تمنع استعماله جزافاً، مثل إخضاعه لرسم مالي لا يتم استرداده في حالة عدم قبول الطعن أو رفضه»، موضحا، في هذا الصدد، «نؤكد أن هذه المعايير المعمول بها في العديد من التشريعات لا يقصد منها تقييد الولوج إلى العدالة، الذي يبقى متاحا في المرحلتين الابتدائية والاستئنافية، ولكنها إجراءات تستهدف تحقيق جودة الأحكام، ولاسيما من قبل محكمة النقض الموكول إليها السهر على التأويل السليم للقانون، ومنع تضاربه وتناقضه. وهي مهمة تصبح بعيدة المنال كلما ازداد عدد الملفات وكثرت الهيئات القضائية بمحكمة النقض، بسبب صعوبة التنسيق».