دعا محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ورئيس النيابة العامة، إلى التفكير في طرق قانونية لترشيد الطعن بالنقض. وقال عبد النباوي في كلمته في افتتاح السنة القضائية 2018، اليوم الخميس، بمحكمة التقض بالرباط، إنه لا يمكن اعتباره مجرد مطلب لتحسين الإحصائيات بقدر ما هو ضرورة للحفاظ على جودة الأحكام وتحسين قيمتها القانونية، ولاسيما فيما يتعلق بالقضايا الجنائية التي أصبحت تشكل لوحدها 46 في المائة من القضايا الرائجة بمحكمة النقض". وأوضح رئيس النيابة العامة أن "ما يشجع على التفكير جدياً في الحد من استعمال الحق في الطعن بالنقض هو أن حوالي 80 في المائة من الطلبات تنتهي بالرفض أو السقوط أو عدم القبول، وأن نسبة الأحكام المنقوضة لا تبارح نسبة 20 في المائة". وكشف عبد النباوي أنه في سنة 2017 جرى نقض 8611 قراراً فقط من بين 39655 قراراً أصدرته المحكمة أي بنسبة 21.72 في المائة وهي نسبة تحسنت بنقطتين عن سنة 2016 التي لم تتجاوز فيها نسبة القرارات المصرح بنقضها 19.61 في المائة. وعاد النباوي ليؤكد أن النسبة العددية لطلبات الطعن بالنقض الواردة على المحكمة تعرف اتساعاً لم يسبق له مثيل، وهذه الوضعية ستؤثر في المستقبل على جودة الأداء القضائي. وكشف المسؤول القضائي أنه يخشى أن يتأثر الأداء بهذه الوضعية على مستويين أساسيين أولهما التأثير على العمر الافتراضي للقضايا الرائجة أمام محكمة النقض قائلا "استطاع قضاتها هذه السنة أن يُصَفوا حوالي 80 في المائة من القضايا المسجلة منذ أقل من سنة و22 في المائة من القضايا التي عمرت أكثر من سنة. علماً أن أقل من 500 ملفٍ فقط من الملفات الرائجة بمحكمة النقض سجلت قبل سنة 2016". وثانيها يضيف عبد النباوي قائلا "جودة القرارات نفسها، حيث يجب في كل الأحوال ألاَّ يصبح هاجس النجاعة القضائية الرقمية مؤثراً في المستوى القانوني للقرارات، لأن الأمر يتعلق بأحكام المحكمة العليا التي تعتبر مرجعاً للعمل القضائي لباقي المحاكم ومصدراً للاجتهاد الذي يتم اتباعه من طرف باقي الهيئات القضائية الوطنية. مما يتطلب أن يتوفر للقضاة الوقت الكافي لدراسة الملفات والتداول فيها وتحرير قرارات جيدة بشأنها". واستدل عبد النباوي في دعوته إلى ضرورة وجوب الحذر من هذا الاتجاه بامكانية ملاحظة أن معدل القرارات بالنسبة لكل مستشار من مستشاري محكمة النقض ناهز خلال سنة 2017 معدل 23 قراراً. وبمراجعة إنتاج المحكمة خلال شهر دجنبر 2017، يفسر عبد النباوي أنه يلاحظ أن هذا المعدل يتراوح بين 13 قراراً شهريا لكل عضو بالنسبة للغرفة التجارية و40 قراراً لكل عضو بالنسبة للغرفة الجنائية التي بلغ فيها إنتاج بعض القضاة أكثر من 80 قراراً خلال شهر دجنبر الماضي، وعلق على ذلك بأنه إنتاج يجاري أو يتجاوز ما يصدره قضاة الموضوع ببعض المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف بالمملكة. وأوضح عبد النباوي أن السياسة التشريعية المعتمدة بشأن الطعن بالنقض تتسم بسهولة الولوج إلى هذا الطعن، الذي تخلى المشرع - منذ مدة - عن جميع قنوات التصفية التي تُضَيٍّق من إمكانية استعماله سواء فيما يتعلق باتساع دائرة المقررات القضائية القابلة للطعن بالنقض، أو بانعدام الشروط القانونية التي تحد من استعمالها، أو بغياب أو ضعف الرسوم الواجب أداؤها بمناسبة الطعن، مضيفا أن هذا أدى إلى تزايد عدد الملفات المطعون فيها بالنقض المسجلة بهذه المحكمة والتي سجلت سنة 2017 زيادة حوالي ستة آلاف ملف جديد مقارنة بسنة 2016، حيث بلغ عدد القضايا المسجلة سنة 2017 : 47657 ملفاً مقابل 41873 سنة 2016 بارتفاع يقارب ستة آلاف ملف أي بنسبة 14 في المائة.