حسنين هيكل الصحافة المغربية يرحل… مصطفى العلوي، صاحب الأسرار في “الحقيقة الضائعة”، زاويته الشهيرة في “الأسبوع الصحفي”، التي كان كان يديرها.. لم يطاوله أي كاتب عمود آخر في المغرب.. كان خزانا من المعلومات والتفاصيل وعلبة سوداء، يكتب من دواتها القليل، ويحتفظ بالغزير.. التقيته مرات قليلات في أمكنة هامشية، لم أكلمه، كان يأتي وحيدا، ومحزونا، في ذلك الزمن المرتبك من تحولات ما بعد حكومة التناوب.. كان زبناء المكان يشعرون بثقل عند دخوله، فيسود صمت، قبل أن تصعد الأصوات شيئا فشيئا، لتشمل فضيلة الصخب الجميع.. من حيث المهنة، هو صاحب صناعة فريدة في تطريز مقالاته، مسّاح كبير لتاريخ المغرب وقبائله وجروحه ونخبه ويعرف ما يدور خلف الأسوار المنيعة لتواركة.. وفي أوقات، ربما كسر الضوء الأحمر أكثر من مرة، فكان الغضب بإيقافات متوالية ل “الأسبوع”. هو لا يمتلك خبرة إنشائية، فقط، بل “مطمورة” من الأسرار، وربما، كان “الأول” من بين كل صحافيي وقته والأجيال التي تلته، الذي تصله المعلومات من مصادرها في الدولة والأجهزة والأحزاب والمجتمع.. الخلاصة: أنك لست صحفيا لأنك تعرف كيف تركب الجمل وتصفها، بل في ما تملكه من تشبيك لعلاقات ومصادر، تسعفك في السراء وفي الضراء، ولا ترمي بك إلى الخلاء، كي تعبر الصحراء وحيدا، عند أول هزة على سلم ريشتر. هي المصادر نفسها، التي تراك ضروريا، وتلعب بك، وتترك تلعب أيضا.. ولا تجرك من رجليك إلى مستوى الإذلال، وتعرف كيف تغطسك كل مرة في ماء المهنة العذب، ولا تحشر رأسك في سطل من الأكاذيب والترهات والتلفيقات. مصطفى العلوي، هو هذا المعدن، الذي ربما يذكّر بالصحافي المصري حسنين هيكل، وقد جعل من “الاسبوع” و “الأسبوع الصحفي”، موعدا مرتقبا كل خميس.. ومنه أيضا كانت “تقشر” صحف (مستقلة)، خصوصا في اللافتة الشهيرة في أذن الصفحة الأولى المعنونة ب”سري جدا”.. وقد كانت كذلك، موثوقة إلى حد ما، وتسديدها في الصميم.. ثم أنه، كان مأوى لصحافيين من قبائل مختلفة، هناك يهربون مقالات كي ينالوا عنها بعض نصيب.. وله فضيلة تدشين مبدأ “الدفع”، بدل الواجب النضالي الذي كان سائدا في صحف الأحزاب.. أما في الشارع الإعلامي، فهو عنوان جدل واختلاف وربما رمي بكل الاتهامات، لكنه كان للحقيقة، رائد صحافة التابلويد.. حتى أن من قلده، انكفأ في أول مواجهة، بينما ظل هو الرقم العصي على الاستنساخ..