في مغامرة بصرية جريئة، يدخل المخرج المصري الواعد، أحمد مجدي، إلى عالم الإخراج السينمائي، من خلال فيلمه الطويل الأول “لا أحد هناك” أو “الزرافة”، الذي يرصد هموم فئة الشباب من خلال رؤية إخراجية قد يجدها كثيرون غريبة نوعا ما. ففي إحدى الليالي الخالية، يجد أحمد (الممثل عامر حسني) نفسه تائها بين شوارع القاهرة، في محاولة لتقديم المساعدة لفتاة لا يعرفها كي تقوم بعملية إجهاض بعد تعرضها للاغتصاب، وفي رحلته لجلب المبلغ المطلوب يتورط أحمد مع مجموعة تقودهم فتاة أخرى تود كشف سر الزرافة المخبأة في حديقة الحيوانات. وتدور أحداث الفيلم فى سياق مختلف عن طبيعة الإنسان، وظف فيها المخرج أحمد مجدي مجموعة من المشاعر الوجودية المتشابكة، عن التيه والإيمان وعدم المسؤولية، وذلك باعتماده على بلاغة المشاهد الصامتة، حيث سلط الضوء على حالة الاكتئاب التي تصيب الشباب في أعمار مختلفة. فالفيلم هو أشبه بلوحة فنية سيراها كل مشاهد بطريقته، امتزجت فيها سلسلة من الأحداث العبثية، تحمل في جوهرها لحظات تأمل في قساوة الحياة، وفي ما ينطوي عليه الإنسان من رغبة في فعل الخير رغم كل الظروف المحيطة به. هدوء مميز ورسائل صامتة في أغلب مشاهد الفيلم، تمثل في باطنها جيل الشباب الذي يضطر أحيانا إلى مواجهة ظروف حياتية خارجة عن إرادته، تشبه في تفاصيلها كثيرا المميزات الإستثنائية لقصة الزرافة الصامتة التي وظفها المخرج المصري بطريقة غامضة، لكنها تشارك أبطال الفيلم في الكثير من الصفات أهمها الصمت الذي يشعر المشاهد بالغرابة المشابهة لأجواء الفيلم. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال الممثل والمخرج أحمد مجدي، إن شغفه الأساسي منذ دخوله المجال الفني، كان الإخراج، لكنه حرص على بذل جهد كبير كممثل ليحقق الانتشار في البداية، الأمر الذي منحه فرصة أكبر ليتعرف عن قرب على مراحل صناعة الأفلام بشكل أكثر احترافية، وهو ما دعمه بدراسة الإخراج. وأضاف المخرج المصري، أن فيلم “لا أحد هناك” يمثل عملا شخصيا يعبر عنه وجدانيا ويوضح رؤيته الخاصة إلى العالم، مشيرا إلى أن أي فيلم يجب أن يلهم المشاهد ويمنحه أفكارا، وأنه أثناء اختياره للممثلين كان شرطا أساسيا أن يكونوا مؤمنين برسالة الفن. وعن سؤاله حول اختياره لإسم فيلم “لا أحد هناك” وتغيير إسمه في الإنجليزية إلى “الزرافة”، أوضح أن عنوان “لا أحد هناك” كان دائما يستخدمه أثناء كتابة سيناريو الفيلم، كما يوجد به جانب أدبي كبير سيفقده في حال ترجمته إلى لغات أخرى حسب قوله. كما عبر المخرج الشاب عن سعادته بالمشاركة في الدورة ال17 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إلى جانب مخرجين ومخرجات شباب ستكون المنافسة بينهم قوية، معلنا عن وجود الجزء الثاني من فيلم “لا أحد هناك”، لكن هذه المرة قصة “الغراب” ليكون ثاني أفلامه الطويلة. وأحمد مجدي، الممثل والمخرج مصري، هو نجل المخرج المصري الكبير مجدي أحمد علي ويتنافس فيلم “لا أحد هناك” (خمسة وسبعون دقيقة)، الذي عرض اليوم الجمعة بقصر المؤتمرات بمراكش، على جائزة النجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته ال 17.