المغاربة أسعد الخلق هذه الأيام.... ليس بسبب تواتر الأعياد والمناسبات التي أرهقت جيوبهم وأفلست كثيرا منهم, ولكن بسبب مناسبة الإنتخابات السابقة لأوانها والتي أسرع تسوناني الثورات في المنطقة لإجرائها في موعد مبكر. لكن كما يقال "مصائب قوم عند قوم فوائد", فالزلزال السياسي الذي فرض التعجيل بالإنتخابات لم يستسغه كثير ممن ألفوا حمل صفة البرلماني والحصانة والمشاريع والصفقات والزرود... كل أولئك وكثير منهم لم يفكروا في من منحوهم ثقتهم, لكن الآن سيضطرون للعودة إليهم من جديد ليستجدوا ثقتهم واصطناع الإبتسامات أمام البؤساء والفقراء من أمثالنا وإن أزكمت روائح مسكنا أنوفهن لأنها ألفت عطر باريس المؤدى بعرقنا المنهوب.
قلنا إن المغاربة أسعد الخلق هذه الأيام ... الكثير منهم حصلوا على "حولي العيد" بالفابور.. وستأتي أيام مقبلة سيرفلون فيها في الدمقس والحرير... سيعشون الحياة كما أرادوا على حساب ممثلي الأمة, سيتحقق حلم بعض منهم في الزواج وليلة الدخلة ليدرك بدوره معنى أن يعز المرء أو يهان.... ستقام العقائق والأعراس الحقيقية والمصطنعة, وحفلات بمناسبة أو بدونها, كل ذلك ليستمتع سكان دائرة المرشح بالشواء و"القطبان" وإن كان العيد سيفسد على بعضهم استقطاب أصحاب البطون الجائعة...
لكن هم واثقون أنهم سيجدون وحين تمتلئ البطون من يحضر لحفلاتهم .. فلا أحد يستطيع أن يرفض أن يرقص على إيقاع فن العيطة وكل ألوان الشعبي والمرساوي والراي, وإن كانت الشيخات ورقص الأرداف من المستحبات في الحملات الإنتخابية...
الشبان بدورهم سيجدون ضالتهم في كل أنواع النبيد والبيرة التي أفسد ثمنها وتراجع جودتها على الكثيرين التلدذ بها... لكن لايهم ذلك فسخاء مرشح الحي سيجعل من شرب يوما أو تمنى ذلك أن يسبح في بحور من خمر, بل وحتى الإستمتاع بالحور العين شريطة أن يقاتل معه في حملته الإنتخابية, ولم لا فالحور العين والخمر الوفير وعد بها عقيد ليبيا القدافي آخر من قاتلوا بجانبه.....
"القصارة" إدا هي عنوان هذه الأيام... والكثيرون ينتظرون أن تدخل الحملة الإنتخابية أيامها الساخنة وبأحر من الجمر.. ينتظرون هذه اللحظة لأنها موعد السخاء الوحيد في العمر السياسي لمرشحهم.. كل من سيمثلون الأمة أو يحلمون بالجلوس تحت قبة البرلمان ولو حتى النوم على كراسيها أو الفوز ب"الحصانة" المفقودة سيكون سخيا مع الجميع, وسيخرج من خزينته تلك الملايين التي نهبها أو سعى لاخفائها والتملص من دفعها كضرائب مستحقة للدولة, فلا أحد من كل أولئك المرشحين إلا من رحم ربك يعول على تمويل الدولة للأحزاب, بل على جيبه وحده والله يعلم وحده من أي امتلأ.
ليس أصحاب الزرود وما جاورها من شواء وشيخات وشراب هم وحدهم من يجهدون أن أنفسهم لاستمالة الناخبين بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة , بل أيضا مشعوذوا السياسة ممن يستغلون الدين في السياسة, فبدورهم لا يفوتون أي عرس أو عقيقة ولا حتى جنازة لاستدرار العطف والحث على التصويت لصالح المرشح "الورع" و"التقي" ووو.... استمرارا في لامشروع دغدغة العواطف ولو بتقديم برنامج انتخابي سيتحقق إن شاء الله وبإذنه!؟
الحق يقال أن المغاربة أسعد خلق الله... في لحظات الإنتخابات يعيشون "الحياة"... نعم الحياة, وفي هذه الأيام يحققون أحلامهم في الرقص مع البطون وعلى إيقاع الشعارات الثائرة والتلذذ بأنواع الخمور بنكهة الوعود الكاذبة .... فهنيئا للجميع بتغيير ستفسده نخبته الفاسدة...