ها هو عيد الأضحى قد انقضى، وها هي مرحلة وضع الترشيحات لانتخابات 25 نونبر 2011 قد أسدل الستار عنها، وبين هذا العيد وتلك المحطة الانتخابية تقاطعات تكاد تختزل في الفرح والانتشاء. ربما كان اختيار هذا التاريخ لإجراء أولى الانتخابات التشريعية بعد التعديل الدستوري يحمل من الدلالات والإشارات السياسية ما يعطي الانطباع عن نوعية الانتخابات التي ننتظر، فانطلاق الحملة الانتخابية وهي المحطة الأكثر جدلا، في غضون احتفالات الشعب المغربي بعيد الأضحى، قد يراد به توسيع دائرة الفرح ومحاولة توصيف الانتخابات التشريعية بالاحتفالات والأعراس، فالأفراح بمناسبة العيد والأفراح بالدعوة لإنجاح هذا العرس الانتخابي. فهذا فرح وذاك فرح آخر، وبينهما فرح المرشحين وكلاء اللوائح الذين قبلت ملفاتهم فهو فرح بالآمال نحو ضمان مقعد مريح تحت قبة البرلمان، لكن هناك فرحا آخر ممزوجا بالآلام ويتعلق الأمر بأولئك الأشخاص الذين حصلوا على التزكيات الحزبية ولم يفصلهم عن خط الوصول إلى مرحلة الحملة الانتخابية سوى بضعة أقدام، ليعلنوا للرأي العام عن سعادتهم لانسحابهم من هذا السباق. قد يكون السبب في خطوة كهذه هو الإيمان بضرورة ترك المجال للوجوه الجديدة والشابة، وقد يكون هو الإحساس بضعف الحظوظ في النجاح، وقد يكون أيضا هو جدية وزارة الداخلية في قطع الطريق على كل الذين وردت أسماؤهم في ملفات تحوم حولها الشبهات. ولعل هذا التعليل الأخير هو الأقرب للعديد من الحالات، إذ أصبح شعار وزارة الداخلية في هذه الاستحقاقات هو ” لا مكان لأصحاب سوابق الفساد في الانتخابات المقبلة”، وهو شعار قد نتلمس صحته وجديته في بعض المؤشرات والقرائن، فبعد ما أصدرت وزارة الداخلية تعليمات صارمة للولاة والعمال من أجل الحرص على أن تمر العملية الانتخابية المرتقبة في ظروف تضمن شروط التباري النزيه بين المرشحين، بادرت إلى إشعار عدد من الراغبين في الترشيح بضرورة تسوية مشاكلهم القانونية والضريبية قبل آخر أجل لوضع الترشيحات، بعض المصادر الإعلامية أكدت أن وزارة الداخلية أصدرت ليلة عيد الأضحى أوامرها لكافة رجال الإدارة الترابية من أجل الاتصال بالمرشحين الذين سبق أن وردت أسماؤهم في ملفات الفساد وحثهم على سحب ترشيحاتهم إن كانوا قد وضعوها. فعطلة عيد الأضحى لم تمنع السلطات المحلية من إخبار بعض الراغبين في الترشيح بضرورة تسوية وضعياتهم القانونية، وملفاتهم القضائية قبل التاريخ المحدد لنهاية وضع الترشيحات. لقد قيل في هذا العيد أنه عيد بطعمين، طعم اللحم والمرق والشواء وطعم السياسية والانتخابات والترشيحات، ولئن كان طعم العيد ألذ فإن السياسة هي الباب الإجباري للوصول إلى كل فرحة سواء كانت عيدا أو غيره، فلطالما كان الطريق إلى البرلمان يبدأ باللحوم والولائم والوعود، ولم يجن الوطن من هذا المسلك غير الفساد و تأجيل الديمقراطية، فها هي البطون اليوم منتفخة بلحوم العيد، فهل سيعمل المرشحون على مخاطبة العقول والألباب عوض مخاطبة البطون والأمعاء؟