تتذكرونه. لا شك أن أغلبكم يتذكر المعتقل السلفي بوشتى الشارف. ويتذكر تلك الأيام الجميلة. والضاجة. والحماسية. والمتوترة. ومنْ مِن شباب حركة 20 فبراير لا يتذكر بوشتى. وقصته مع القنينة التي كان يدعي أنهم أولجوها في دبره. آه على تلك الأيام. آه على آحاد عام 2011. وعلى تلك الصبيحات. آه على تلك الملاحم. وعلى فيديوهات بوشتى الشارف وهو يبكي. وينهنه. وعلى الأخت غزلان. آه على الأخت غزلان ودموعها. التي تبنت قضيته. وبكت معه. وحتى وهي في حفل التخرج في كامبردج لم تنس بوشتى. وذرفت دموعا غزيرة من أجله. واليوم. وبعد مرور كل هذه السنوات. يظهر بوشتى الشارف من جديد. وينفي في موقع هسبريس تعرضه لأي تعذيب. وينفي أنهم وضعوا القرعة في دبره. ويقول أنا بوشتى الشارف. أنا كذاب. ومجرم. ويعتذر لنا جميعا. ويعتذر للدولة. ويقول إنه كان يعاني من البواسير. وقد استغل مرضه ليدعي أنهم عذبوه. ولا شك أنكم تتذكرون عنوانا صحفيا مؤسسا لهذا المجد الذي تعيشه مهنتنا اليوم. ففي يوم من أيام 2001. وفي غمرة الحراك. والربيع العربي. وفي تحد سافر للأخت غزلان. ولكل الدموع. ولكل الثورات. نشر موقع إلكتروني خبرا عن بوشتى الشارف ينفي فيه كل ادعاءاته. وبالدليل القاطع. وقد كان عنوان الخبر هو التالي”مصادر عليمة تؤكد أن مؤخرة بوشتى الشارف جيدة”. أو سليمة أو شيء من هذا القبيل. وكم ضحكنا حينها. ومنا من ذرف الدموع. ومنا من قتله ذلك العنوان. ومنا من غادر المغرب بسببه. ومنا من فقد الأمل. بينما لا أحد كان يتوقع أن ذلك الموقع يتوفر على الخبر اليقين. وأنه عنوان المرحلة. وأنه صحيح. وبعد مرور كل هذه السنوات. يأتي المعني بالأمر ويؤكد الخبر. وينصف ذلك الموقع. ويعترف بعظمة لسانه أنه كذاب. وأن الأمر لا علاقة بقنينة بل بالواسير. بل أكثر من ذلك. بل إنه يعتذر لنا جميعا. ويعترف أنه كان يمثل. وما ألومه عليه. هو أنه أهمل الأخت غزلان. وهي التي تستحق الاعتذار أكثر من أي شخص آخر. وكم بكت. وكم أهرقت من دموع. وكم جفت محاجرها. وكم تورمت عيناها. وكم سجلت من فيديو. وكم عانت كي تعرف بمحنتك. ثم يأتي بوشتى الشارف ويقول إنه كان يكذب. ولا كلمة شكر واحدة لمن منحتك دموعها وعينيها. ولا سؤال عنها. ولا تحية. حتى أنك لم تكلف نفسه عناء البحث عنها. وهي التي كانت رائدة. وزعيمة. ومن وجوه الحراك المعروفة. قبل أن تختفي فجأة. بينما مازالت دموعها شاهدة على بطولتها في اليوتوب. ومازال بكاء بوشتى الشارف شاهدا على تلك المرحلة المهمة من تاريخ المغرب. وأتحدى من يتفرج عليه ولا يتأثر. ولا يبكي. لكن السؤال الذي أطرحه على نفسي. هل كانت الأخت غزلان حقيقية. ومن لحم ودم. وهل كانت موجودة فعلا. أم أنها كذبة هي الأخرى. وإلا فأين هي الآن. وأين اختفت. وأين دموعها. ولماذا لم تتحول إلى صحفية هي الأخرى. ولماذا لم تلتحق بالأصالة والمعاصرة. ولماذا لم تصوت محليا على العدالة والتنمية ووطنيا على الحزب الاشتراكي الموحد.