كاد يلتصق بي في السوق وهو يتلو على مسامعي بصوت مرتفع سورة الملك التي أحفظها.. تجاهلته تماما وتابعت عملية انتقاء الخضر، توقف عند نهاية الآية :{ إن أنتم إلا في ظلال كبير}، ثم قال بصوت أكثر ارتفاعا: ضعي غطاءً على رأسك وانصرف، التفتت إليه، كان شيخا ذو لحية بيضاء مخضبة بالحناء، يحمل عصا في يديه يهش بها، حاولت أن أنساه وأكمل جولتي في السوق، لكنني في الحقيقة كنت أبحث عن امرأة مثلي لا تغطي شعرها، ولم أجد… وحدي عارية الشعر وسط المنقبات والمحجبات . أسرعت إلى أقرب تاكسي صغير لأغادر قندهار في اتجاه المغرب .. هذا المشهد حدث للصديقة سناء تراري.. ذكرني بها الفايس اليوم صباحا. هذا العالم الأزرق يفهم أذواقنا ومواقفنا أكثر ممن يعتبر قريبا إليك. من بين مئات المنشورات إختار لي هذه القصة للأستاذة سناء من طنجة التي تتحول فيها بعض الاسواق والأحياء إلى أماكن طالبانية لا ينقصها سوى ضرب الاصنام التاريخية بالصواريخ وتكبيير..تكبيييير.. لا أدري من يمنح هذا الحق لجماعات من المكابيت ملتحين بلحى زعفرانية بالحناء و يلبسون لباسا باكستانيا قبيحا غريبا عن البلد .. من يمنح لهم هذا الحق أمام الدستور والقانون و كل هيئات حقوق الإنسان الموجودة.؟ من يمنح لهم هذه السلطة والعجرفة والاستبداد والاعتداء على الناس والثقة العمياء البليدة في ذاتهم.؟ من منح لهم هذه المخالب الطويلة التي يلزم أن تقطع قبل أن تمس إمرأة في الشارع.؟ من منح لهم هذا الجهل و التاحيماريت وتربية الضباع التي تعزل الفريسة لتنهشها.؟ من منح لهم هؤلاء الصلاكيط المعتوهين الخارجين عن القانون هذه العصا الطويلة التي سيخرجونها قريبا ليهشون ويضربون بها النساء والشبان الذين لا يلبسون لباسهم الخرائي المستورد من هوامش كابول . لم تعد المرأة لدى قريش وفي طهران تقبل هذا العنف.. فلماذا يصدرونه لنا بضاعة فاسدة ؟. لماذا نرضخ أن يتدخل في حياتنا الخاصة هؤلاء الشماكريا.؟ مرة كانت زوجتي تشتري بعض الحاجيات من سوق كاسابارطا الذي يعرف حضورا وازنا لهؤلاء الوازينين الغفل قطيع السيبة.. جاءها معتوه مكانه بويا عمر مثلما وقع مع سناء التي تدرس الشباب اللغة والأدب .. تبعها و هي التي لا تضع الحجاب على شعرها..تربص بها مثل ضبع ..ثم نظر إليها كأي قاطع طريق وقال لها بنبرة أوامر للعبيد: ستر راسك ..عطي راسك آ لمرا.. كانت تتوقع منه هذا الكومبليمون الجميل فردت في وجهه قبل أن يتم رسالة الأمر بالمعروف: ماشي شغلك..شكون أنت .؟ سير تقود كتعرفها ؟. أما أنا فكنت سأنزل من الكار قبل سنوات على الطريق الوطنية .. حينذاك كرهت الكار والسبب أنني طلبت من السائق ومساعده تغيير الكاسيت الرديئة التي أنتجت اليوم هؤلاء النماذج النورانية. لا تتركوا حقيرا ضبعا يلبس لباس الأفغان ويصبغ اللحية بلون برتقال يتدخل في حياتكم العامة و الخاصة.. تفووو حاشاكم على بوزبال..