متخصص في المالية العامة ///// خص الباحث المتخصص في المالية العامة والبرلماني عن حزب العدالة والتنمية “كود” بقراءة للمشروع المتعلق بالمراكز الجهوية للاستثمار. المشروع الذي يتوقع ان تصادق عليه الحكومة اليوم في مجلسها. هاد القراءة كتبين حاجة وحدة. ما تبدل والو. الداخلية مازال متحكمة فكلشي. كان ممكن لهاد المشروع يكون اكثر فعالية لو بعد عن الداخلية وعطى دور كبير لرئيس الجهة المنتخب. دابا انتصر التعيين. ها الملاحظات 10 على هاد المشروع أولا: مؤسسة عمومية تحت رئاسة والي الجهة: نص مشروع القانون على تحويل المراكز الجهوية للاستثمار لمؤسسات عمومية متمتعة بالشخصية المعنوية الاستقلال المالي، وهذا مهم جدا وينسجم مع مذكرة رئيس الحكومة المرفوعة للملك خلال شهر أبريل الماضي. غير أن التنصيص على رئاسة والي الجهة لكل من المراكز الجهوية واللجان الجهوية للاستثمار يؤدي للتراجع عن منطق الإصلاح، بالنظر للتجربة السلبية لتحكم وزارة الداخلية في المراكز الموجودة منذ سنة 2002. وكان الأجدر جعل هذه المراكز مؤسسات عمومية كاملة الاستقلالية مع مجالس إدارية تحت رئاسة رئيس الحكومة الذي يمكنه التفويض لوزارة الداخلية أو وزير التجارة والصناعة. ثانيا: قانون يجمع بين المراكز واللجان الجهوية للاستثمار: نصت عليه مذكرة رئيس الحكومة المرفوعة للملك، والتي تضمنت بشكل صريح إعداد نصين تشريعيين منفصلين، يتعلق أحدهما بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار لتصبح مؤسسات عمومية، وآخر يهم توحيد اللجان الجهوية للاستثمار وتوضيح مهامها. وبالمقابل نجد أن هذا المشروع يتضمن المشروعين معا في نص واحد، وتم توزيع أقسامه بشكل يجعلهما تابعين لبعضهما البعض تحت رئاسة والي الجهة. ثالثا: الرقابة على نشاط وتدبير المراكز: خلافا لباقي المؤسسات العمومية، لن تخضع هذه المراكز للرقابة المالية للدولة على المؤسسات العمومية، وسيتم إحداث منصب مندوب الحكومة الذي سيتكلف بنفس الاختصاص. وبالمقابل ستتكلف اللجنة الوزارية للقيادة تتبع عمل المراكز وتنسيق عمل الإدارات والهيآت المعنية. غير أن مشروع القانون حصر عمل اللجنة الوزارية التي يترأسها رئيس الحكومة في النظر في تقارير المجلس الأعلى للحسابات دون تقارير المراقبة المالية التي تجرى على المراكز (والتي ستبقى محتكرة من فبل وزارة المالية). وباعتبار هيمنة وزارة الداخلية على تدبير المراكز واللجان، واستفراذد وزارة المالية بالمراقبة الحقيقية، فستبقى المراكز الجهوية للاستثمار في وضعية تبعية لوزارة الداخلية كما كان الحال منذ سنة 2002، وهو وضع غير طبيعي ويتناقض مع مبادئ الحكامة ومع التوجهات الكبرى التي تضمنتها مذكرة رئيس الحكومة المرفوعة للملك بهذا الخصوص. رابعا: غموض موقع رؤساء الجهات: تم التنصيص على عضوية رؤساء الجهات ضمن المجالس الإدارية للمراكز الجهوية للاستثمار، لكن التنصيص على رئاسة الولاة لهذه المراكز كما ينص المشروع يجعل من الجهاة تحت سلطة الوالي بشكل عملي، وهو ما لا يستقيم مع المنظومة الدستورية والقانونية التي تؤطر العلاقة بينهما. فقد تكون عضوية رؤساء الجهات منطقية ضمن المجالس الإدارية التي يترأسها رئيس الحكومة، وليس هذه الحالة، خاصة وأن الجهات تعمل على بدورها على تنفيذ سياسة الدولة في مجال الاستثمار، وفق ما تنص عليه مقتضيات القانون التنظيمي، فيكف ستصبح الجهات كمؤسسات دستورية لامركزية تحت رئاسة وسلطة الولاة. خامسا: مهام كبرى في مجال لاستثمار: تضمن المشروع اختصاصات حقيقية تتعلق بتحفيز ودعم وتشجيع الاستثمارات، وهو ما يتناغم مع تطلعات الرأي العام والمختصين في هذا المجال. فاعتماد مؤسسات عمومية بمهام من هذا القبيل يستبطن مقومات النجاح وتجاوز أقطاب ومحدودية المراكز الحالية التي أصبحت عاجزة عن مواكبة سياسة لدولة في هذا المجال. ولا تنحصر مهام المراكز في تنفيذ سياسة الدولة المتعلقة بالاستثمار، وإنما تطال أيضا الخدمات المقدمة للمستثمرين والتحفيز الاقتصادي للجهات والعرض الترابي المتعلق بالاستثمار، وكذا تسوية الخلافات بين المستثمرين والإدارات العمومية. لكن بالمقابل كان يتعين إعطاء المراكز استقلالية حقيقية لتمكينها من ممارسة مهامها واختصاصاتها في هذا المجال، خاصة وأن طبيعة مجلسها الإداري وتركيبته التنظيمية قد يتسبب في نفس الأعطاب التي كانت تعاني منها. سادسا: ميثاق الاستثمارات؟؟ كان يتعين ربط مهام اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار بإطار وأساس تشريعي واضح يستجمع السياسات العمومية في هذا المجال، وهو المجال الذي يفترض أن ينظمه القانون الإطار المتعلق بميثاق الاستثمارات التي تعده الحكومة. فسياسة الدولة في مجال دعم وتحفيز الاستثمار ستخضع بشكل حصري لمضامين هذا الميثاق، ولا معنى بالتالي لإشتغال اللجان الجهوية الموحدة (وحتى المراكز الجهوية بدورها) خارج هذا الإطار الذي يندرج في إطار التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة كما هو محدد في الفصل 49 من الدستور. سابعا: مهام واختصاصات اللجان الجهوية: وسع المشروع بشكل كبير من اختصاصات اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار، ولَم يقتصر على ما هو مفترض فيها من دراسة الملفات التي يمكن أن تعرض عليها، وإنما جعلها بمثابة الجهاز التقريري الذي يحدد طريقة اشتغال المراكز نفسها والقرارات التي يمكنه اتخاذها. كما منحها المشروع عدد من الاختصاصات التي منحتها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، وخاصة في مجال التعمير والاستثمار، وهو ما يتناقض مع التراتبية الدستورية للنصوص التشريعية ومع التوجه العام لتقوية المؤسسات اللامركزية وتعزيز مجال تدخلها. ثامنا: علاقة غامضة بين المراكز واللجان الجهوية للاستثمار: من الطبيعي أن تكون اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار وحدات إدارية تحت رئاسة والي الجهة، وهو ما تم التنصيص عليه في هذا المشروع، غير أن علاقتها مع المراكز يشوبها غموض كبير تسبب فيه جمعهما في نص تشريعي واحد وتركيبة المقتضيات القانونية التي يتضمنها. فرئاسة الوالي لكل منهما يجعلهما متماهيان من الناحية البنيوية، وهو ما بنتناقش مع حكامة التدبير اللامتمركز للاستثمار من أساسه، كم أن التنصيص علىأن المراكز تقوم بهام الكتابة الدائمة للجان الجهوية يجعل من المراكز تابعة لها تنظيميا، وهو أمر غير طبيعي. تاسعا: الطعن في قرارات اللجان الجهوية: نصت مذكرة رئيس الحكومة المرفوعة للملك على منح إمكانية الطعن في قرارات اللجنةان الجهوية للاستثمار أمام والي الجهة، وهو من بين المنطلقات الذي كان يجب الاشتغال عليها عند إعداد مشروع القانون. غير أن المشروع جعل رئاسة اللجنة مخولة للوالي الذي يمكنه أن يفوض للمدير العام للمركز، ونص على إمكانية الطعن في قراراتها أمام اللجنة الوزارية، وهو مخالف للمذكرة المرفوعة للملك. وباعتبار أن الأمر يفترض أن تكون هذه اللجان في مستوى أدنى وغير مرؤوسة من قبل الولاة، فكان يتعين أن تكون هذه اللجان تابعة بشكل واضح للمراكز الجهوية للاستثمار (وليس العكس) ومرؤوسين كن قبل المدير العام، مع تخويل الولاة اختصاص المراقبة والبت في الطعون في قراراتها. عاشرا: شروط نجاح الإصلاح: إذا كان المشروع يتضمن بشكل عام مقتضيات مهمة تتعلق بتوسيع مهام المراكز الجهوية للاستثمار وتعزيز موقعها كمؤسسات عمومية، فإن تركيبة مجالسها الإدارية. تبعيتها المطلقة لوزارة الداخلية قد تكون سببا في نجاحها أو فشلها. فرئاسة الوالي لمجالسها الإدارية، وهيمنة اللجان الجهوية على مهام وعمل المراكز قد يؤدي لإعادة التجربة السلبية للمراكز منذ 2002. لكن بالمقابل قد يؤدي هذا الامر إلى تمكينها من قيامها بأدوارها المنتظرة منها باعتبار القوة التدبيرية والمعنوية للولاة واختصاصهم الدستوري والقانوني وسلطانهم على مختلف المرافق والإدارات العمومية النابعة للقطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية. لذا فإن الشروط الأساسية لنجاح هذا الإصلاح تبدأ من توضيح وضعية هذه المراكز وعلاقتها باللجان الجهوية الموحدة للاستثمار، وبتعزيز موقعها القانوني، وبتمكينها من الاستفادة من قوة التنسيق والإشراف على الإدارات العمومية لتنفيذ سياسة الدولة على هذا المستوى، وهذا ما يمكن أن يتأتى بمراجعة تركيبتها التنظيمية وتعزيز مواردها البشرية وتمكينها من موارد مالية كافية لممارسة مهامها المتعلقة بدعم وتحفيز وإنعاش الاستثمار.