كالينينغراد (روسيا) 26 يونيو 2018 (ومع)/// أنهى المنتخب المغربي مشواره برسم كأس العالم أمس الاثنين بمباراة رجولية، أحرجت المنتخب الإسباني، وهو من أفضل المرشحين للفوز بالمونديال، ولم تنقده في الدقائق الأخيرة إلا تقنية الفيديو.
وكما وعد أسود الأطلس، فقد لعبوا مباراة مثالية ودافعوا باستماتة كبيرة عن حظوظهم بشكل كامل وهم كلهم عزم على مغادرة مونديال روسيا بشرف وبأفضل طريقة، وتقدموا مرتين أمام أبطال العالم لسنة 2010 ولم يتوقفوا عن تهديد الدفاع الإيبيري بهجمات متتالية شكلت دائما تهديدا مباشرا لمرمى “لاروخا”.
وتمكنت النخبة الوطنية، خلال هذه المباراة النارية، من إبراز أحسن ما لديها من تقنيات والقدرة على إيجاد الحلول وإثبات الذات، وليس عبر إضفاء الطابع الفردي على اللعبة، ولكن من خلال العمل المشترك لكل اللاعبين وتضامنهم ولعبهم الجماعي المتميز.
وتمكنت المجموعة الوطنية أيضا من تجاوز غياب عميد الفريق الوازن وتأمين الدفاع من جميع المخاطر، كما أثبت قدرتها على مواجهة “تي تاكا” الاسبانية بتمريرات دقيقة تناغمت بجماليتها مع تشجيعات الجمهور المغربي، كملحمة متكاملة الابداع.
وسيبقى هذا الدور الأخير محفورا في ذاكرة أسود الأطلس، كذكرى جميلة لا شك أن الكل استمتع بها لقيمتها الحقيقية ولكونها لا شك ستشق درب المستقبل لتحقيق إنجازات تعكس القيمة المثلى للكرة المغربية.
واستغل المهاجم المغربي خالد بوطيب الفرصة بعد سوء تفاهم بين راموس وإنييستا في نصف الملعب ليشق الغبار ويتجه نحو مرمى الخصم بسرعة الضوء كما لو كانت وحوش تجري خلفه، ليضع الكرة بين ساقي حارس إسبانيا دي خيا في المرمى (الدقيقة 14)، مسجلا بذلك الهدف الأول للمنتخب المغربي بعد 20 سنة من هدف صلاح الدين بصير ضد المنتخب الأسكتلندي (1998).
إلا أن هدف المغرب لم يصمد كثيرا وكان تقدما قصيرا، إذ أدركت النخبة الاسبانية هدف التعادل بعد خمس دقائق، بعد تمريرة محكمة وعلى طابق من ذهب من إنييستا لزميله إيسكو، قبل انتقال المنتخب السباني إلى لعبة الاستحواذ المعتادة، وساعده أسود الأطلس في هذه المهمة من خلال ترك الكرة للاعبي الخصم، الذين يجيدون طريقة الحفاظ عليها، وتكتلت عناصر المنتخب المغربي في نصف ملعبهم ومحاولة تصيد فرصة القيام بمرتدات هجومية.
وأضحت المباراة أشد وطأة مع أخطاء متعددة، واتسمت بغليان شديد لعناصر النخبة المغربية ما أدى الى حصولهم على ستة انذارات منها ثلاثة في غضون دقيقتين.
ومع مرور الوقت عرف مرمى منير الكجوي سيلا من الهجمات الاسبانية وخلق الاسبان العديد من الفرص الخطيرة خاصة عبر تقدم الجناحين وبفضل التفاهم الناجح بين الثنائي إنيستا-إيسكو، إلا أنهم افتقروا الى اللمسة الاخيرة أمام الدفاع المستميت والجيد للعناصر المغربية، التي لم تستسلم رغم الضغط.
ولم يقتصر المغاربة على مشاهدة لاعبي الفريق الخصم وهم يمررون الكرة فيما بينهم، بل هددوا مرمى الخصم قبل نهاية الشوط الأول، ليعبروا المرحلة الأولى من المقابلة دون تسجيل أي هدف بسبب التسرع وعدم بلورة المرتدات الى أهداف.
ومرة أخرى سيثبت أسود الأطلس على أرضية الملعب تميزهم الدفاعي وحنكتهم التكتيكية واتقانهم للدفاع الجماعي بتناغم كبير، قبل أن يخلق “المحارب” نور الدين أمرابط فرصة سانحة للتسجيل عبر قذيفة مثالية ارتطمت بعمود مرمى الحارس الاسباني دي خيا (الدقيقة ال55)، ما أشعل نار الحماس في جمهور ظل يردد “عاش المغرب” وكان كله أمل أن تكلل قذيفة أمرابط الى هدف، كان لا شك سيبقى حديث عشاق الكرة لوقت طويل. وراهن المنتخب الإسباني على تحقيق النصر، لكن المغاربة كان لهم رأي آخر وسجلوا ضد مجرى اللعب برأسية مركزة لمهاجم فريق مالقة الإسباني يوسف النصيري تجاوزت أبراج مراقبة إف سي برشلونة و ريال مدريد، جيرارد بيكي وسيرخيو راموس، ليمنح التقدم للمنتخب المغربي بنشوة سحرية.
وبعد هذا الهدف، بدأ فيرناندو هييرو، الذي ألقى بجميع أوراقه الهجومية للسعي نحو الفوز، يشعر بكون الانهزامية بدأت تدب في نفوس لاعبيه، إلا أنهم، وفي الوقت الذي كانت تسير المقابلة نحو انتصار تاريخي للمنتخب المغربي ، تمكن الإسبان من لعب ركلة زاوية بسرعة لم تسدد من موقعها ،أي من الجانب الذي خرجت منه الكرة ، ويحول أسباس كرة عرضية بالكعب الى شباك منير الكجوي ،في وقت اعتقد الجميع أن اللاعب المسجل كان في وضعية تسلل.
ورغم أن عناصر المنتخب الوطني واجهوا منتخب “الغلاكسي “، الذي يعج بالنجوم، ندا وندا ولعبوا المباراة بمستوى عالي، إلا أنهم أنهوا المقابلة للأسف كما أنهوا المقابلة الأولى ضد إيران بهدف قاتل في اللحظة الأخيرة.
وتشعر عناصر المنتخب الوطني، كأمثالهم الأكبر سنا الذي شكلوا الفريق الوطني في مونديال فرنسا سنة 1998، بنوع من الإحباط لأنهم كانوا أقرب الى تحقيق نتائج باهرة رغم أنهم لم يتمكنوا من تدبير تقلبات كأس العالم، وهو ما أشار اليه المدرب الوطني هيرفي رينارد حين قال ” قد يكون غيابنا عن المشاركة في المونديال لمدة 20 سنة أثر علينا بعض الشيء، لكنه يتعين علينا المضي قدما، وينبغي علينا الآن التركيز على الأمور الأساسية، وسيكون لدينا الوقت لاستشراف المستقبل”.