فرضت شريعة العمر على أسود مونديال 1970 أن يتواروا إلى الخلف، وعلى المنتخب أن يغير جلده بالكامل. فقد غاب كل من شاركوا في المكسيك، وحل محلهم لاعبون شباب، تنقصهم التجربة لكنهم لم يعدموا، أبدا، الحماس. تمكن أولئك الشباب، في البداية، من تجاوز الأدوار الأولى من إقصائيات مونديال ألمانيا 1974 بنجاح، ووصلوا إلى الدور النهائي رفقة منتخبي زامبيا والزايير (الكونغو الديمقراطية حاليا). غير أن بداية الأسود لم تكن مشجعة، إذ انهزموا أما زامبيا ب4 أهداف مقابل صفر، قبل أن يتداركوا الموقف في مباراة الإياب والفوز بهدفين دون مقابل، وليدخلوا من جديد إلى التنافس على التذكرة الإفريقية الوحيدة إلى ألمانيا. كانت زامبيا قد ودعت حلمها بعد ثلاث هزائم، واحدة ضد المغرب واثنتين ضد منتخب الزايير، الذي أصبح يكفيه التعادل لحجز مكانه ضمن كبار العالم. كان الأسود، الذين يقودهم المدرب المغربي عبد الرحمان المحجوب، يدركون ذلك، ولم يكن أمامهم إلا تحقيق الانتصار في كينشاشا يوم 9 دجنبر 1973. في الجهة الأخرى، كان لاعبو الزايير أكثر تحفيزا، بعدما وعدهم رئيس البلاد موبوتو سيسي كو، الصديق الكبير للملك الحسن الثاني، بمنحهم سيارات فاخرة وضيعات إن هم تمكنوا من التأهل إلى المونديال، بل وضع رهن إشارتهم طائرته الرئاسية الخاصة للتنقل إلى العواصم الإفريقية. على كل، اعتبر المغاربة مباراة كينشاشا معركة حياة أو موت، ودخلوها برغبة تحقيق الفوز وانتظار مباراة الإياب في المغرب، لكن أمام الزايير، بلاعبيه ذوي البنيات القوية وبجمهوره الذي غزا المدرجات، بدت مهمة الأسود شبه مستحيلة، حتى وإن صمدوا في الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي. بعد سبع دقائق عن بداية الشوط الثاني، تلقى المغاربة ضربة موجعة بعد إصابة أحمد فرس بسبب تدخل خشن في حقه، اضطر معها إلى مغادرة الملعب، ودخل بدله مصطفى شكري (بيتشو). أصبح لاعبو الزايير، الذين كان يشرف عليهم المدرب السابق للأسود اليوغوسلافيبلاغوزفيدينيش، أكثر عنفا بعدما تعذر عليهم الوصول إلى مرمى الحارس المغربي أحمد بلقرشي. الأخير وجد نفسه، في الدقيقة 58، ضحية عنف واضح حين تمكن مهاجمهم الخطير جون كمبوأوما من تسجيل الهدف الأول. احتج المغاربة عن الهدف لدى الحكم الغاني جورج لامطي، الذي ظل على موقفه بل، بعد ثلاث دقائق، لم يحتسب خطأ واضحا لصالح المنتخب المغربي، وطالب باستمرار اللعب ليتمكن أصحاب الأرض، عن طريق نفس اللاعب، من إضافة الهدف الثاني، وجعلوا، بالتالي، حلم المغاربة يتبخر في أجواء كينشاشا. في غضون ذلك، أضاف إيكوفا، الذي عوض كمبو، الهدف الثالث في الدقيقة 79. لم يهضم المسؤولون المغاربة تلك الهزيمة المرة، وطعنوا في الحكم الغاني لدى الكونفدرالية الإفريقية والاتحاد الدولي دون نتيجة، ليقرروا عدم لعب المباراة الأخيرة. أمام تشبث المغرب بموقفه، اعتبر الاتحاد الدولي منتخب الأسود خاسرا بهدفين لصفر، وليكون الزايير أول بلد إفريقي من جنوب الصحراء يشارك في كأس العالم.