أفردت وزارة الخارجية الامريكية يوم أمس الجمعة، تقريرا هاما حول وضعية حقوق الإنسان في الصحراء سنة 2017، حيث بسطت أهم الأحداث التي شهدتها الأقاليم الجنوبية للمملكة، وردود الأفعال المتبعة من طرف المملكة، ومدى إلتزامها بالمواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان. وإستهلت الخارجية الامريكية التقرير بالتطرق للوضع السياسي في الصحراء، والنزاع القائم بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو الساعية ل”الإستقلال”، مذكرة أن المملكة تدير المنطقة بنفس القوانين والهياكل التي تنظم ممارسة الحريات المدنية والسياسية والإقتصادية كما في المغرب. وحسب التقرير المفصل فإن أهم قضايا حقوق الإنسان بالصحراء تتماهى في الغالب مع القضايا في المغرب، بما في ذلك الادعاءات بوجود سجناء سياسيين؛ والقيود المفروضة على حرية التعبير؛ ثم تجريم بعض المحتويات السياسية والدينية ؛ والقيود على حرية التجمع وتكوين الجمعيات ؛ والفساد. وذكر التقرير أن عدم وجود تقارير عن تحقيقات أو ملاحقات قضائية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان من قبل المسؤولين المغاربة في الصحراء، سواء في الأجهزة الأمنية أو جهاز حكومي آخر، قد ساهم في انتشار مفهوم الإفلات من العقاب، مشيرا في باب احترام سلامة الأشخاص، أنه لم ترد أي تقارير تفيد بأن الحكومة المغربية أو عناصرها ارتكبوا أعمال قتل تعسفية أو غير قانونية، أو حالات اختفاء، مستحضرا عمل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيونالسمارة، والقائم على التحقيق في الدعاوى الفردية من السنوات السابقة، وتوصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالتعويضات المالية أو الرعاية الصحية أو التوظيف أو التدريب المهني للضحايا (أو أسر ضحايا) الإختفاء القسري عن السنوات السابقة. وأبرز التقرير أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان تابع تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة الخاصة بالضحايا السابقين لانتهاكات حقوق الإنسان التي يعود تاريخها إلى السبعينات والثمانينات، كما عملت اللجنة الدولية للصليب الأحمر كوسيط محايد مع الأطراف والأسر، فيما يتعلق بحالات الأشخاص الذين لا يزالون مجهولي المصير. وبشأن التعذيب وغيره من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أكدت الخارجية الأمريكية أن الدستور المغربي والقانون يحظران ذلك، كما فندوا اي إدعات في هذا الصدد، موضحة أن الدستور المغربي والقانون المغربي يحظران مثل هذه الممارسات، وأنه في حالة توجيه تهمة التعذيب، يطلب القانون المغربي من القضاة إحالة المحتجز إلى خبير طبي شرعي عندما يطلب منه المحتجز أو المحامي ذلك، نقيض ما يدعيه المدافعون المحليون والدوليون عن حقوق الإنسان، موردا في الآن نفسه أن السلطات المغربية لم تقم دائماً بالتحقيق في الشكاوى، كما فشل العاملون في المجال الطبي أحياناً في توثيق آثار الإصابات الناجمة عن التعذيب وسوء المعاملة، طبقا لمنظمات حقوقية غير حكومية. وإستحضر التقرير إعتصام 50 معطلا صحراويا وتهديدهم بحرق الذات في حافلة تابعة لنقل مستخدمي شركة فوس بوكراع، يوم 23 مارس 2017 ، مسترسلا أن الشرطة استخدمت بعد فشل المفاوضات معهم خراطيم المياه في 24 مارس للوصول إلى الحافلة، ما تسبب في إصابات طفيفة لحوالي 12 محتجا نقلوا للمستشفى، فيما تم إطلاق سراح بعضهم بعد ساعات من الإعتقال. ولفت التقرير أن الحكومة المغربية قد رفضت الإعتراف الرسمي ببعض المنظمات غير الحكومية، كما أبلغ المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال العام عن تلقي شكاوى من 10 منظمات بشأن رفض طلبات التسجيل الخاصة بها، فيما أكدت السلطات تسجيل 984 2 منظمة في العيون و 937 منظمة في الداخلة، وتساهلت الحكومة مع أنشطة عدة منظمات غير مسجلة. وتطرق التقرير لتجمع عام منظم يوم 20 يونيو، من طرف رئيسة منظمة غير حكومية غير مسجلة أمينتو حيدار، بموافقة السلطات المغربية، بعد وفاة وفاة زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز في عام 2016، لافتة أن الحدث نُظم في خيمة بالهواء الطلق وشمل عرض علني لأعلام “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الانفصالية”، بالإضافة إلى لافتة تصف المكان ب “العيون المحتلة” ، دون تدخل من السلطات. وتحدث تقرير وزارة الخارجية عن محور حرية الحركة، مؤسسة على كون السلطات المغربية احترمت بشكل عام الحق في الحركة، على الرغم من زعم المنظمات غير الحكومية والناشطين أن السلطات المغربية كانت تقيد في بعض الأحيان الوصول إلى الصحراء للزائرين الأجانب، كالصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، موضحا أن السلطات المغربية زعمت عدم تقييد تقييد الوصول إلى الصحراء، إلا في حالة تهديدها للسلامة والنظام العام، مستشهدا بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة في الفترة من أبريل 2016 إلى أبريل 2017، والذي أوردأن المغرب أكد طرد 187 أجنبياً من الصحراء بسبب تهديدهم للاستقرار الداخلي أو عدم إلتزامهم بقوانين الهجرة. وعرج التقرير على إدعاءات منظمات صحراوية غير حكومية، في 21 يناير، والتي إتهما السلطات المغربية بطرد ستة ناشطين نرويجيين من منظمات دولية سياسية ومنظمات حقوق الإنسان بسبب إجراء المقابلات دون إذن، بيد أن السلطات ردت بكون الأفراد تم طردهم من أجل الحفاظ على النظام العام في الإقليم، حيث تعتقد الحكومة أن هدفهم كان تنظيم الاحتجاجات. وتداول التقرير مسالة العائدين إلى ارض الوطن، موردا أن المغرب شجع عودة الصحراويين من مخيمات تندوف، إذا اعترفوا بمغربية الصحراء، حيث يشترط على اللاجئين الراغبين في العودة الحصول على وثائق السفر أو الهوية في القنصلية المغربية في الخارجء، وغالباً في موريتانيا. ولم يُغفل التقرير مسألة حرية المشاركة في الانتخابات والعملية السياسية مستحضرا محطة أكتوبر 2016، التي انتخب فيها الناخبون المسجلون في الصحراء 13 ممثلا عنهم، مؤكدا ان المراقبين الدوليين أشاروا لمصداقيتها، وأن الناخبين تمكنوا من الاختيار بحُرية. وذكر التقرير مزاعم فساد في الصحراء نتيحة للإنفاق التنموي الضخم، مستطردا أن بعض المسؤولبن تمكنوا من خلق روابط للحصول على امتيازات كتراخيص الصيد أو عقود مقالع الرمال، مسترسلة ان قبطانا يشتغل في الصيد البحري توفي بعد حرق نفسه أمام مندوبية الصيد في الداخلة بتاريخ 31 مارس احتجاجًا على عدم الاستجابة لشكوى تتعلق بالفساد. وبخصوص الموقف الحكومي حول التحقيق الدولي وغير الحكومي في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، أفرد التقرير أن السلطات المغربية لم تعترف بالمنظمات غير الحكومية المحلية التي أظهرت ميولاً للبوليساريو، فيما تعاونت مع الأممالمتحدة وسمحت بالزيارات المطلوبة بشأن قضايا حقوق الإنسان ، بما في ذلك زيارة قامت بها اللجنة الفرعية المعنية بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من 22 إلى 28 أكتوبر، حيث اجتمعت اللجنة الفرعية مع مختلف المتدخلين، وزارت مراكز الاحتجاز، لكنها لم تؤكد علناً زيارتها للصحراء أو أي سجناء صحراويين في المغرب، حسب التقرير. وإسترسل التقرير أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان واصل عبر مكاتبه الإقليمية في الداخلةوالعيون الاضطلاع بمجموعة من الأنشطة، على غرار رصد المظاهرات، وزيارة السجون والمراكز الطبية، كما حافظت على الاتصال مع المنظمات غير الحكومية غير المعترف بها، ثم قامت في بعض الأحيان بالتحقيق في القضايا التي أثارتها المنظمات غير الحكومية، وخاصة تلك التي إسترعت رواد الإنترنت أو وسائل الإعلام الدولية.