أفاد المجلس الأعلى للحسابات بأن نسبة كتلة الأجور من الناتج الداخلي الخام ستبلغ 12 في المائة سنة 2018، قبل أن تنخفض ابتداء من سنة 2019 لتصل إلى 11,5 في المائة سنة 2021. وأبرز المجلس، في تقرير موضوعاتي أصدره مؤخرا حول "تقييم نظام الوظيفة العمومية"، أن التوقعات المتعلقة بالفترة 2017-2021 تظهر أن كتلة الأجور ستسمر في الارتفاع، مسجلا أن صحة هذه التوقعات تظل رهينة بتحقيق نسبة نمو اقتصادي تفوق 3,5 في المائة. وأوضح المجلس "أن هذه التوقعات تظل رهينة بتطبيق صارم للإجراءات المتخذة للتحكم في الأجور بصرف النظر عن احتمالات وقوع أحداث استثنائية قد تقتضي اللجوء إلى توظيفات بأعداد كبيرة أو إلى زيادات في الأجور كما حدث سنة 2011". وفي هذا الصدد، كشف التقرير أن كتلة الأجور "المرتفعة" تظهر أنها انتقلت بين 2008 و2016 من 75,4 إلى 120 مليار درهم، وهو ما يمثل ارتفاعا من 11,38 إلى 11,84 من الناتج الداخلي الخام. وخلال هذه الفترة، ارتفعت نفقات الموظفين بمعدل نمو سنوي بلغ 5,3 بالمائة، مقابل معدل نمو سنوي للناتج الداخلي الخام في حدود 3,92 بالمائة. وأشار التقرير إلى أن كتلة الأجور عرفت ارتفاعات قياسية سنوات 2009 و2011 و2012 و2014، مضيفة أن هذا التطور المتباين يبين ارتفاع حجم رواتب الموظفين بشكل أسرع من نمو الناتج الداخلي الخام. واعتبر المجلس أنه "بالمقارنة مع دول أخرى، تظل نسبة كتلة الأجور من الناتج الداخلي الخام مرتفعة نسبيا"، موضحا أنه في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تمثل كتلة الأجور بها أكبر النسب من الناتج الداخلي الخام، تبلغ هذه النسبة في المتوسط 9,8 بالمائة. وتابع التقرير أن "كتلة أجور الموظفين بالمغرب تعد من بين أكبر النسب بالمنطقة، حيث تبلغ هذه النسبة مثلا 7,2 بالمائة في مصر و 12,7 بالمائة في تونس. أما في دول مجموعة التعاون والتنمية الاقتصادية، فإن هذه النسبة تقل عن 10 بالمائة (لا تتجاوز 9,4 بالمائة في فرنسا مثلا)". وعلى صعيد آخر، أشار المجلس في تقريره، إلى أن "الوظيفة العمومية تفوق القدرات الاقتصادية للدولة"، موضحا أن كتلة الأجور ارتفعت، بين 2008 و2016، بنسبة 59,2 بالمائة، بينما ارتفع عدد الموظفين المدنيين بنسبة 5 بالمائة فقط خلال نفس الفترة. وأبرز التقرير أن هذا الارتفاع القوي لكتلة الأجور يعزى إلى الزيادات المترتبة عن الترقية السريعة للموظفين بالإضافة إلى القرارات المختلفة للزيادة في الأجور والتي تم اتخاذ جلها في ظروف استثنائية. وأضاف أنه من خلال مقارنة مستوى رواتب الموظفين العموميين مع نظرائهم بدول أخرى من جهة ومع رواتب الأجراء في القطاع الخاص ومن جهة أخرى، فإنه يستنتج أن أجور الموظفين بالمغرب مرتفعة نسبيا. ففي الوظيفة العمومية التابعة للدولة، بلغ الدخل المتوسط الشهري الصافي 7700 درهم سنة 2016 بارتفاع قدره 51,6 بالمائة مقارنة مع سنة 2006، كما بلغ الأجر الصافي الأدنى 3000 درهم بارتفاع قدره 89,2 بالمائة مقارنة مع سنة 2007. وسجل التقرير أن هذه المستويات "مرتفعة" بالمقارنة مع ما هو معمول به في القطاع الخاص حيث بلغ الدخل المتوسط الشهري الصافي 4932 درهم والراتب الأدنى 2568 درهم خلال نفس السنة. وأبرز المصدر ذاته أنه بالمقارنة مع الثروة الوطنية، يمثل الأجر الصافي المتوسط حوالي ثلاثة أضعاف الناتج الداخلي الخام للفرد الواحد، مقابل 1,2 في فرنسا و1 في إسبانيا، موضحا أن المستوى المرتفع للأجر المتوسط بالمغرب يعود لضعف الناتج الداخلي الخام مقارنة مع الدول السالف ذكرها، فإنه يعزى أيضا للزيادات المختلفة التي تم إقرارها خلال جولات الحوار الاجتماعي. وأشار التقرير إلى "غياب رؤية واضحة لدى السلطات العمومية عند مباشرتها لمفاوضات الحوار الاجتماعي، حيث لا تغتنم الحكومة هذه المفاوضات لكي تفرض مقابل زيادات الأجور أهدافا ترتبط بأداء الموظفين المستفيدين وبجودة خدمات المرفق العمومي". ونتيجة لذلك، يضيف التقرير، تتحمل الدولة وظيفة عمومية تفوق قدراتها الاقتصادية، في حين لا يجد التطور المهم الذي تعرفه الأجور ترجمته على مستوى تحسن نظرة المواطن للإدارة العمومية.