لم يزد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني على ما ورد في البلاغ الديوان الملكي عندما وصف سلفه عبد الإله بنكيران، خلال تقديم البرنامج الحكومي في جلسة عامة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين اليوم الأربعاء، على القول إنه "أبان عن كفاءة عالية وفعالية ونكران ذات". ووزع العثماني التصريح الحكومي على خمسة محاور هي أولا دعم الخيار الديمقراطي ومبادئ دولة الحق والقانون وترسيخ الجهوية المتقدمة، وثانيا تعزيز قيم النزاهة والعمل على إصلاح الإدارة وترسيخ الحكامة الجيدة، وثالثا تطوير النموذج الاقتصادي الوطني والنهوض بالتشغيل والتنمية المستدامة، ورابعا تعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، وخامسا العمل على الإشعاع الدولي للمغرب وخدمة قضاياه العادلة. كاين ما يدّار عند الرميد وبالاطلاع على نص البرنامج الحكومي، والذي جاء في 90 صفحة، تُلاحظ عليه غلبة الطابع الإنشائي، خصوصا في بعض المحاور التي اختفت منها الأهداف المرقّمة. فبالنسبة إلى المحور الأول، المتعلق بدعم الخيار الديمقراطي ومبادئ دولة الحق والقانون وترسيخ الجهوية المتقدمة، يلاحظ وجود لمسة أو خلق "ورش" لوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد، حيث يتعهد البرنامج ب"اعتماد سياسة حكومية مندمجة في مجال حقوق الإنسان وفق تخطيط استراتيجي تشاركي وتحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بدءا من 2018″. وإضافة إلى هذا الجانب، المتعلق بصون حقوق وكرامة المواطن وتعزيز الحريات والمساواة ويضم نوايا أخرى، هناك الإشارة إلى مواصلة إصلاح منظومة العدالة، تأهيل وتجويد المنظومة التشريعية الوطنية واستكمال تنزيل الدستور، تقوة الأمن ودعم الاستقرار وحماية الأشخاص والممتلكات، تنزيل الجهوية المتقدمة وتكريس الحكامة الترابية وسياسة فعالة لإعداد التراب وتعزيز دور المجتمع المدني. وبالنسبة للمحور الثاني المتعلق بتعزيز قيم النزاهة والعمل على إصلاح الإدارة وترسيخ الحكامة الجيدة، يقترح البرنامج دعم مجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاية والوقاية من الرشوة ومحاربتها وإحداث آليات مؤسساتية ولجنة بين وزارية خاصة بالتقييم الداخلي للسياسات العمومية ومأسسة الحوار الاجتماعي وتعزيز التقائية ونجاعة السياسات العمومية وإصلاح المالية العمومية. وفي هذا الإطار يقترح البرنامج، من بين كثير مما يقترحه، إحداث آلية تحت إشراف رئيس الحكومة تختص بمتابعة التقارير الصادرة عن هيئات الحكامة والمراقبة والتفتيش. الهدف: ولوج دائرة الاقتصادات الخمسين الأوائل وفي المحور الثالث المتعلق بتطوير النموذج الاقتصادي الوطني والنهوض بالتشغيل والتنمية المستدامة يقترح البرنامج الحكومي حزمة من الإجراءات أبرزها الرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني ومواصلة تحسين مناخ الأعمال لتمكين المغرب من ولوج دائرة الاقتصادات الخمسين الأوائل عالميا في مؤشر الأعمال Doing Business في أفق 2021، فضلا عن العديد من الإجراءات التحفيزية للمقاولات، خصوصا الصغيرة والصغيرة جدا والمتوسطة. ولم يفت البرنامج الحكومي أن يشير إلى تنزيل القانون البنكي الذي نص على إحداث تمويلات بديلة في إطار المالية التشاركية (الإسلامية). كما التزم بمواصلة تنزيل المخطط الأخضر من خلال إطلاق بنامج 2017-2021 لمشاريع الدعامة الثانية من الفلاحة التضامنية ويهم 297 مشروع باستثمار 6,5 ملايير درهم لفائدة 130 ألفا من صغار الفلاحين… الرفع التدريجي لدعم المواد المتبقية وبالنسبة إلى المحور الرابع المتعلق بتعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، تم التركيز على تفعيل إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وتحسين وتعميم الخدمات الصحية وتقليص الفوارق في الدخل ومحاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي وتسريع وتيرة تنمية العالم القروي ودعم التوازن المجالي ودعم حصول الطبقات الفقيرة والمتوسطة على سكن لائق وتيسيير الولوج للسكن والعناية بالشباب وتحسين الولوج للرياضة والثقافة والإعلام… لكن ما سيبقى ماثلا في الأذهان هو أن حكومة العثماني عازمة على مواصلة إصلاح صندوق المقاصة من خلال رفع الدعم تدريجيا عن المواد المتبقية بهدف الزيادة في الاعتمادات الموجهة إلى تمويل سياسات وبرامج التنمية الاجتماعية، ودعم الفئات الهشة والمحتاجة. وسيكون غاز البوتان و السكر في مقدمة المواد المعنية برفع الدعم، في مقابل استمرارية صندوق التماسك الاجتماعي… وفي المحور الأخير والخاص بالعمل على الإشعاع الدولي للمغرب وخدمة قضاياه العادلة، تم التركيز على القضية الوطنية والجالة المغربية في الخارج والسياسة الإفرقية للمملكة.