المعركة الحقيقية اللي كتسنى في العدالة والتنمية في 5 سنوات القادمة هي دستورية بالأساس. جميع المتتبعين في الشهور الماضية اللي أعقبت تكليف عبد الإله بنكيران بتشكيل الحكومة لاحظوا كيفاش بزاف ديال الشخصيات الحزبية تروج لخطاب إعادة تأويل الفصل 47 من الدستور، كحال رئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماش، اللي أعلن بلغة سياسية صريحة، في حوار له مع جريدة يومية أن تعديل الدستور ضروري. هاذ الشي ماشي برىء، بل يؤسس لبداية تشكل وعيا حزبيا تابعيا، تمهيدا لرِدة وانتكاسة دستورية، بعيدا عن تداعيات الربيع العربي في 2011، اللي فرضت خطاب 9 مارس ودستور يوليوز 2011. اليوم قواعد اللعب تبدلات وورقة الشارع والربيع العربي ما بقاتش واكلة سياسيا، لذلك خاصنا نقبلوا على تخريجة سياسية تخلي كلمات بحال صون الاختيار الديمقراطي والمنهجية الديمقراطية كلمات عندها غير دلالة رمزية لتدبيج البلاغات الرسمية، بعيدا عن أية حمولة سياسية. وعلاش لا بعث الفصل 24 من دستور 1996 في حلة جديدة… تابعنا جميعا كيفاش اختار بنكيران منطق "كحل كحل.. بيض بيض"، في تدبيره لمشاورات تشكيل الحكومة، وماشي اعتباطا تمسك بهاذ المنطق، بل الذكاء السياسي اللي يميز بنكيران فرض عليه هاذ الأمر. علاش؟ هاذ الشي حتم عليه يتمسك بهوامش استقلالية مكانته الدستورية، لأنه كيمثل مؤسسة دستورية اسمها رئيس الحكومة، عندها علاقة مباشرة بإرادة صناديق الاقتراع، ويحاول يوصل رسالة لمن يهمهم الأمر؛ "إذا دخلنا الحكومة في 2011 نظرا لاعتبارات ما.. فاليوم غادي تكشل الحكومة وفق قناعات ومقاربات ديال حزب اللي عندو إرادة لا يجب إسقاطها سياسيا". خرج بنكيران من معركة تشكيل الحكومة، بنصر معنوي، نظرا لاعتبارات كثيرة، كان السيد داير بحسابها، كما وضع جميع السيناريوهات الممكنة في باله، من بعد تعثر تشكيل الحكومة. لذلك بنكيران حرق أوراق لعب سياسية مكشوفة بيد القصر، من خلال دراسته لجميع السيناريوهات. أولا: سيناريو إعادة الانتخابات كان مستبعدا، نظرا لكلفته السياسية. ثانيا: سيناريو تعيين بنكيران على رأس حكومة تقنوقراط: الأمر غادي يبان تخريجة سياسية لإقصاء الحزب المتصدر للانتخابات معنويا. ثالثا: الانقلاب الدستوري على المنهجية الديمقراطية، حتا هو كان مستبعدا. كاين نص دستوري واضح وغادي يبان الحراك الديمقراطي المغربي غير مسرحية. رابعا: سيناريو الإعفاء والاحتكام للفصل 47 من الدستور: هاذ السيناريو هو اللي راهن عليه بنكيران، ملّي تأكد أنه مستحيل يكون رئيس الحكومة في الولاية الجديدة. بنكيران اختار يمشي قدما في هاذ السيناريو وبقا متمسكا بشروطه كاملة، في سبيل الرجوع إلى محطة نقطة الصفر اللي هي تعيين رئيس حكومة من الحزب الفائز في الانتخابات، واللي كتبقا ملاذ دستوري آمن ليه وللحزب ديالو والديمقراطية المغربية الناشئة.