عندما يعاني شخص من العزلة ومن الفراغ ومن صداع الرأس فإنه يقوم بأي شيء، ويقدم على تصرفات غريبة، وهذا بالضبط ما فعله عبد الإله بنكيران حين استقبل محمد زيان. وحين تمل من الانتظار، ولا تصلك الرسائل، ولا يهاتفك أحد، ويتأخر عنك عزيز أخنوش، وتشتاق إليه، فإنك تضطر إلى استقبال زعيم حزب غير موجود. حزب من خيال. حزب صفر. والأدهى أنه صفر مقاطع للانتخابات. الكل ينتظر تشكيل الحكومة، بينما يفك بنكيران الحصار المضروب عليه باستقبال محمد زيان، الذي اقترح عليه حل البرلمان. وزيان الآن لمن لا يتابع أخباره ثوري هذا العصر السياسي المغربي الجديد. وحين تشعر الصحافة هي الأخرى بالفراغ، فإنها تلجأ إلى محاورة زيان، وتمنحه الميكرو ليضحك قراؤها ومستمعوها. وكل من يحس بالضجر، ومن يشعر بالعزلة القاتلة، يلجأ إلى هذا الرجل. الرجل الذي يجمع الأصفار، ويتبعه ماضيه، يستقبله السيد عبد الإله بنكيران. ويقدم له الشاي والحلوى. وليس له وحده، بل لكل قواعده الشعبية ومناضلي حزبه الليبرالي، الذين استوعبهم بيت بنكيران، بكرمه المعهود. فشرب حزب بكل قواعده وقياداته الشاي وأكلوا الحلوى اللذيذة تحت سقف واحد، وفي نفس الصالون. وهذا كله في عز الأزمة، وفي عز البلوكاج، وفي عز دوخة بنكيران، الذي يصر كل يوم قول قول الشيء ونقيضه، ويتحدث إلى كل موقع وإلى كل جريدة بما يرغبون في أن يسمعوه منه. وها هو اليوم يستقبل ادريس لشكر. ومباشرة بعد الاستقبال التاريخي لمحمد زيان زعيم الحزب الليبرالي المقاطع، ها هو يستقبل زعيم الاتحاديين. وسبحان الله وفي نفس هذا اليوم الممطر نقرأ في جرائد بنكيران أن الأخير يسخر من ادريس لشكر، ويصرح أن"شروط الاتحاد فضفاضة وتتطلب مني إنجاز أطروحة دكتواره". وبقدرة قادر، وكمعجزة، تتحول الأطروحة إلى ماستر، ثم إجازة، ثم تختزل في لقاء. وها هو لشكر يعود جميلا في عيني بنكيران. وها هو من جديد ييسر تشكيل الحكومة، وما علينا إلا أن ننسى ما قاله بنكيران، وأنه يحتاج إلى ثلاث سنوات ليفهم ما يرغب فيه ادريس لشكر. ومباشرة بعد اللقاء لم يعد الاتحاد رهينة للأحرار. وصار محل ثقة، يعد ان انعدمت في وقت سابق وصارت مواقف الطرفين أكثر تقاربا، كما أن الوضعية بخصوص المشاركة في الحكومة تحسنت عن السابق، حسب مسكوكات الموقع الرسمي للعدالة والتنمية، الذي لا يمكنك إلا أن تتضامن مع صحفييه، الذين يكتبون كل شيء ونقيضه، ويكتبون كمن يمشي على البيض، ولا يختلفون في ذلك عن زعيمهم. لكن الأهم في كل هذه الاستقبالات الغريبة أن يعود عزيز أخنوش. فكل شيء متوقف عليه ولا حكومة إلا بحزب التجمع الوطني للأحرار حزب الكفاءات والأطر، والحزب الذي استقطب بوجو وبوينغ، والعهدة طبعا على بنكيران فلا تتأخر يا عزيز أخنوش لا تتأخر عن بنكيران فلا أحد يضمن من سيستقبل غدا وبعد محمد زيان الذي اقترح عليه حل البرلمان فقد يستقبل بعد غد زعيم حزب النهج الرفيق مصطفى البراهمة وقد يدعوه هو الآخر إلى الثورة وإلى تأميم حزب العدالة والتنمية والذي يستقبل زيان في هذه الظروف يمكنه أن يستقبل أي شخص وقد يستقبل حميد زيد ويقترح عليه الدخول إلى الحكومة لكن حميد زيد سيرفض وسينتظر هو الآخر عودة عزيز أخنوش.