حلت أمس الأحد الذكرى 150 لميلاد قاسم أمين الرجل الذي حلم بوضع أفضل للمرأة العربية. لكن اليوم و قد مضى قرن و نصف على ميلاد محرر المرأة ، في الفاتح من دجنبر 1863،لا يبدو وضع النساء العربيات أقل سوءا عما كن عليه آنذاك, فلا تزال العقلية الذكورية تفرض سطوتها على المرأة و تسقطها ضحية مفاهيم مغلوطة و عادات وتقاليد البالية. فرغم المحاولات المتعددة للنهوض بالحق المشروع للمرأة فى المشاركة فى الحياة ، فإن العقلية الذكورية نجحت في التصدي لمشروع تحرير المرأة الذي أطلقه قاسم أمين منذ أكثر من قرن من الزمان. وحمله بعده حالمون بدولة تحافظ على النساء ،للحفاظ على نصف قوَّتها.
و لم يكن قاسم أمين الذى درس المحاماة وجعل الدفاع عن حقوق المرأة قضية عمره يعلم أن كل من ناضل لأجله طوال حياته سيذهب هباء، وستعود العقول الظلامية مرة أخرى لتمارس أبشع أنواع العنف، والتمييز ضد المرأة. لم يلتفت "أمين" لمن هاجموه ووصفوا دعوته لتحرير المرأة بالانحلال، حيث كان يرى أن المرأة هى أساس كل شىء وتؤدى لإقامة المجتمع الصالح، وتخرج أجيال صالحة من البنين والبنات، ولذلك أصدر كتاب " تحرير المرأة عام 1899"، وأحدث ضجة كبيرة وقتها حيث تحدث فيه عن الحجاب، وقال إنه ليس من الإسلام، وأن العزلة بين المرأة والرجل لم تكن أساسًا من أسس الشريعة، وأن لتعدد الزوجات والطلاق حدودًا يجب أن يتقيد بها الرجل، ثم دعا لتحرير المرأة لتخرج للمجتمع وتلم بشئون الحياة. ورغم الانتقادات لم يتوقف نضاله فواصل يدرس الكتب والمقالات لمدة سنتين، ويرد على ناقديه بكتابه "المرأة الجديدة" عام 1901، مطالبا بإقامة تشريع يكفل للمرأة حقوقها وبحقوق المرأة السياسية، وهو نفس المطلب الذى لا تزال تطالب به المنظمات النسائية الآن لجنة الخمسين، التى تقوم بتعديل دستور 2012. فارق قاسم أمين الحياة فى 23 إبريل عام 1908م ، وهو فى الخامسة والأربعين عامًا ولا تزال فتيات وسيدات العالم العربي تترحمن على من ناضل من أجل تحرير المرأة، وحصولها على كافة حقوقها أسوة بالرجل.