فاز حزب العدالة والتنمية الحاكم ذو التوجه الإسلامي في المغرب بمعظم المدن الرئيسية في الانتخابات البلدية التي جرت يوم الجمعة ليعزز وضعه بعدما قاد لأربع سنوات حكومة ائتلافية أجرت إصلاحات مالية كبرى. وصعد الحزب للسلطة في 2011 بدعاية تقوم على مكافحة الفساد مستفيدا من الرغبة في قدر أكبر من الحرية بعدما أجبرت احتجاجات "الربيع العربي" الملك محمد السادس على التخلي عن بعض الصلاحيات الملكية. وسيطر حزب العدالة والتنمية للمرة الأولى في تاريخه على جميع المدن المغربية الكبرى وبينها العاصمة الرباط والدار البيضاء وطنجة وفاس ومراكش وأغادير. من ناحية أخرى دفع منافسون بعدد أكبر من المرشحين وكان أداؤهم أقوى في المناطق الريفية التي تمثل معاقل تقلدية للحزب. وأظهرت نتائج الانتخابات حصول العدالة والتنمية على 5021 مقعدا بفارق ضئيل وراء حزب الأصالة والمعاصرة الذي حصل على 6655 مقعدا وحزب الاستقلال الذي حصل على 5106 مقعدا. وكثيرا ما قدم حزب العدالة والتنمية نفسه كمناضل ضد الحرس القديم الذي هيمن على الحياة السياسية والاقتصادية في المغرب منذ استقلاله عن فرنسا في 1956. وخلال سنواته في السلطة أجرى الائتلاف الذي قاده العدالة والتنمية إصلاحات هيكلية خاصة في مجال التمويل العام الذي اعتبره أولوية وقلص عجز الموازنة وقام بإصلاح نظام الدعم الذي أثقل كاهل الحكومة وجمد الوظائف في القطاع العام. وقال عبد الإله بن كيران زعيم حزب العدالة والتنمية للصحفيين مساء الجمعة إن الحزب بدأ العمل قبل أكثر من 20 عاما واندمج في المجتمع وفي البيئة المغربية تدريجيا. وأضاف ان حزبه تفرغ للعمل في حين تفرغت المعارضة للكلام. وحين اندلعت الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في دول عربية عام 2011 نجح المغرب في احتوائها بإجراء إصلاحات محدودة لكن القصر لا يزال يحظى بالسلطة المطلقة. ويعتبر الشركاء الآخرون للعدالة والتنمية في الائتلاف الحكومي مثل حزب التجمع الوطني للأحرار المنتمي ليمين الوسط والحركة الشعبية أقرب للقصر ولا يقبلون بسهولة تقاسم السلطة مع الإسلاميين. ومن بين المكاسب المثيرة نجح الإسلاميون في الفوز بمدينة فاس وهي معقل لحزب الاستقلال وزعيمه حميد شباط صاحب الشعبية الكبيرة الذي انسحب من الائتلاف الحاكم في 2013 وعارض السياسات الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية. وقال المعطي منجب المؤرخ بجامعة الرباط "للمرة الأولى منذ 1960 يفوز حزب بارز بالانتخابات في المدن الكبرى. "رغم أن العدالة والتنمية عارض احتجاجات الربيع العربي فإنه استغلها بتقديم نفسه كمعارض من داخل النظام." كما نجح العدالة والتنمية في مواجهة تحد أكبر من أشرس منافسيه حزب الأصالة والمعاصرة الذي تأسس في 2008 على يد صديق للملك بغرض مواجهة العدالة والتنمية. وبلغت نسبة التصويت في انتخابات الجمعة 53.67 في المئة وهي تقريبا نفس نسبة التصويت في الانتخابات البلدية السابقة في 2009.