وصل وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى كوبا الجمعة في زيارة تاريخية لرفع العلم الاميركي فوق سفارة بلاده الجديدة في خطوة لتعزيز التقارب بين واشنطن وهافانا. والزيارة التي تستمر يوما واحدا هي الاولى التي يقوم بها وزير خارجية اميركي الى البلد الشيوعي منذ العام 1945. ولم يرفرف العلم الاميركي فوق سفارة واشنطن في هافانا منذ الثالث من كانون الثاني/يناير العام ,1961 يوم قطعت الولاياتالمتحدة علاقتها مع كوبا خلال الحرب الباردة. وقال كيري للصحافيين المسافرين معه "ستكون هناك عقبات على الطريق لكنها البداية". وبعد وصوله الى مطار خوسيه مارتي الدولي في هافانا, توجه كيري الى مبنى السفارة الاميركية حيث سيترأس مراسم رفع العلم الاميركي في وقت لاحق. وبعد نحو ثمانية اشهر بالتحديد على الاعلان المتزامن في 17 كانون الاول/ديسمبر من قبل الرئيسين الاميركي باراك اوباما والكوبي راوول كاسترو لاعادة العلاقات الدبلوماسية, سينجز كيري احدى اهم المحطات الرمزية في هذه العملية بعدما افتتحت سفارتا البلدين منذ 20 يوليوز ولاعطاء الحدث بعده التاريخي والرمزي سيقوم عناصر مشاة البحرية (المارينز) الثلاثة جيم تريسي واف دبليو مايك ايست ولاري سي موريس الذين انزلوا في العام 1961 العلم الذي كان يرفرف فوق مدخل السفارة برفعه مجددا فوق المبنى تكريسا للتفاهم الجديد بين العدوين السابقين ابان الحرب الباردة. وفي شريط فيديو نشرته الخميس وزارة الخارجية تذكر الرجال الثلاثة بتأثر لحظة انزالهم علم بلادهم قبل نصف قرن. والى جانب رفع العلم فوق السفارة, سيلتقي كيري مسؤولين كوبيين, ورئيس الكنيسة الكاثوليكية في كوبا فضلا عن معارضين للنظام. ولن يلتقي كيري كاسترو او شقيقه الزعيم التاريخي فيديل كاسترو الذي قاد كوبا منذ الثورة في 1959 وحتى تقاعده في العام 2006. وفي نص نشرته الصحافة المحلية الخمي س, بمناسبة بلوغه ال`89 عاما, اكد الرئيس الكوبي السابق ان الولاياتالمتحدة مدينة لكوبا "بملايين الدولارات" تعويضا عن الحظر الاقتصادي الذي فرضته على الجزيرة منذ 1962. وكتب كاسترو ان "كوبا تستحق تعويضات تعادل قيمة الاضرار البالغة ملايين الدولارات كما اكدت بلادنا بحجج دامغة وادلة في كل خطبها في الاممالمتحدة". ولم يحدد فيديل كاسترو قيمة المبالغ التي يتحدث عنها الا ان كوبا صرحت في ايلول/سبتمبر ان الحصار كلفها 116 مليار دولار. اما الولاياتالمتحدة فتقول ان كوبا مدينة بسبعة مليارات دولار لمواطنين اميركيين وشركات تمت مصادرة ممتلكاتهم بعد وصول كاسترو الى السلطة. وستستغل الحكومة الكوبية زيارة كيري لتطالب برفع الحصار الاقتصادي الذي فرضه الرئيس الراحل جون فيتزجرالد كينيدي في العام 1962. وفعليا ترغب ادارة اوباما في ذلك لكن الامر متوقف على الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون ويعارض كثيرون منهم ذلك معتبرين انه سيكون بمثابة مكافأة للشقيقين كاسترو. وفي هذا الصدد, قال السيناتور الديموقراطي باتريك ليهي الذي يرافق كيري, ان رفع الحصار هو الطريقة الاسرع لحصول التغيير في كوبا. واضاف "اذا رفعنا الحصار لن يكون بمقدورهم القاء اللوم علينا في كل شيء, بل اعتقد ان التغيير سيحصل بطريقة اسرع". وخلال ثمانية اشهر من المفاوضات منذ اعلان التقارب بين الدولتين, احرز الطرفان تقدما في قضايا اساسية عدة بينها شطب كوبا عن لائحة الولاياتالمتحدة ل`"الدول الداعمة للارهاب". وفي المقابل تشمل القضايا الخلافية القاعدة البحرية الاميركية في غوانتانامو وممارسات الحكومة الكوبية تجاه الاعلام والمعارضين والناشطين. ونهاية الاسبوع الماضي اعتقل حوالى 90 معارضا في تظاهرة في هافانا اثر وضعهم اقنعة تمثل الرئيس الاميركي ادانة لقراره اعادة فتح سفارة واشنطن في هافانا. وطالما اعتبر معارضو كاسترو الولاياتالمتحدة حليفهم الاول, ولذلك يثير التقارب بين الدولتين قلقهم من فقدان الدعم الاميركي. ومن دون ان يؤثر على هذا التقارب, سيسعى كيري الى طمأنة المعارضين عبر تأكيد دعم الولاياتالمتحدة لهم من اجل الديموقراطية وحقوق الانسان. ولن تستغرق زيارة كيري سوى عشر ساعات, لكنه سيلتقي عددا من المعارضين. وفي مقابلة مع التلفزيون الاميركي الناطق بالاسبانية "تيليموندو نيوز", اكد كيري "سالتقي معارضين (…) وستسنح لي الفرصة للجلوس معهم" اثناء حفل استقبال خاص في مقر السفير الاميركي في هافانا. واقر كيري بان المعارضين ليسوا "مدعوين (…) الى السفارة لانه امر يتعلق بحكومتين وحيث المجال محدود جدا". وقال ايضا انه سيقوم "بنزهة سيرا على الاقدام بحرية في مدينة هافانا القديمة".