مشهد سيء لكنه يتكرر.. مباشرة بعد استيقاضي هذا الصباح، أخدت جهازي اللوحي من تحت المخدة (التابليت)، ورحت أتابع صفحات الاخبار ، وجدت شريط فيديو على اليوتوب معنونا ب " في يوم العيد يحدث هذا التصرف ضد وافد يجلس بأدبه يتأمل البحر وهو يفكر في ذويه وغربته'' ضحية هذا التسجيل رجل أسمر البشرة من العمالة الأجنبية الوافدة على المملكة العربية السعودية، يجلس في هدوء وسكينة فوق سور اسمنتي منخفظ يحيط بشاطئ البحر، يتقدم منه شاب سعودي رفقة زميل اخر، يدفع الرجل، تهوي الضحية إلى الماء، الى جانب قوارب راسية، تعالت ضحكات الشباب السعودي، انتهى المقطع المسجل. للوهلة الأولى قلت ربما ما شاهدته الأن لا يعدو أن يكون مجرد حالة عرضية قد تحصل بأي مكان من العالم، لكن وقبل أن أغادر صفحة اليوتوب وجدت الموقع يقترح علي فيديوهات أخرى بعناوين أكثر بشاعة: '' سعودي يضرب باكستاني" سعودي يؤذب هندي..." طالت اللائحة، وتفاقم معها الحزن، ومع كل تلك المشاهد التي تحمل الكثير من العنف والإهانة و سوء معاملة التي تحط من كرامة الاجانب بالسعودية، خطر ببالي سؤال بديهي ومنطقي: هذا من ذاك؟ اذا كان هؤلاء مرضى ومجرمين ولايمكن تعميم ما يفعلونه على سلوك شعب بأكلمه، فليسمح لي القارئ الكريم ببضع اسئلة مكثفة و واضحة ولا تحتمل أكثر من جواب. أين هو القانون؟ أين الشرطة؟ أين الضمير؟ أين الإنسانية؟ أين كل هذا من ذاك؟ لماذا لا يُعاقب هؤلاء المجرمين العنصريين. لماذا تعتقلُ السلطات السعودية رائف بدوي بسبب مقالات منشورة على موقع الكتروني وحمزة كشغري فقط لأنه غرد على تويتر سطورا تصف حوارا متخيلا بينه وبين النبي محمد. ولماذا تُقاد السيدة وجيهة الحويدر والسيدة فوزية العيوني الى دهاليز المحاكم والمتابعة القضائية فقط لأجل دفاعهن عن حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين داخل المملكة؟ أجل، لماذا تعتقل كل هؤلاء، وتترك أصحاب الأفعال العنصرية طلقاء ينعمون بالحرية، بل و يفتخرون بنشر أفعالهم الحقودة والعنصرية على شبكة الانترنت دون متابعة أو إدانة حتى؟ أخاف أن أقول الحقيقة... والحقيقة أحيانا تكون صادمة، تعامل السلطات السعودية مع ظاهرة انتهاك حقوق العمال وما يتعرض له المقيمين الأجانب من عنصرية وسوء معاملة شيء يعرفه الجميع بالمملكة وخارجها. تقارير المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الانسان لا تضيع مناسبة دون التنديد وإدانة الانتهاكات التي تهم حقوق المهاجرين والعمال الأجانب، أخر تقرير للأمم المتحدة حذر المملكة من تجاوزات حقوق الإنسان التي يتعرض لها العمال الأجانب. المشكل أننا أمام سلطات لا تتخد اي اجراءات ردعية في حق المخالفين ولا توفر أي ضمانات لحماية حقوق المهاجرين.. وهذه هي الكارثة، لأننا في هذه الحالة نكون وجها لوجه أمام دولة تٌطبع مع الممارسات العنصرية، بل وأكثر من ذلك، فهي توفر لها البيئة الاجتماعية المناسبة حتى تتوغل داخل المجتمع والتربية وتصير من المعروف العام.. فدولة لا تتابع العنصريين، ولا تعتبر العنصرية جريمة، تكون بالأساس وبالمكشوف ودون لف أو دوران.. تكون دولة عنصرية. وهذه هي السعودية... البلد التي ينفق المليارات من أموال النفط على بناء المساجد في جميع أنحاء العالم، وطباعة نسخ من القرآن الكريم، وتمويل الجماعات الأصولية ومنحهم الملجأ والحماية. وتصدير الإرهاب الى العالم. البلاد، حيث ان معظم المسلمين الجدد من الغرب يتخدونها بمثابة وطن ثان. البلد الذي يتم القبض فيه على أصحاب الفكر الحر لمعارضتهم التيار السياسي للمذهب الوهابي وقطع رؤوسهم أو الزج بهم في غياهب السجون... هي أيضا البلد الذي لا يسمح فيه للمرأة بقيادة السيارة ... البلد الذي ما يزال يفتخر بثقافة العصور المظلمة للتاريخ. وأنت أيها الزائر، مرحبا إلى المملكة العربية السعودية الراعي الرسمي لعمليات الإعدام العلنية وفي نفس الوقت الداعم والمؤسس الأول للمركز الدولي للحوار بين الأديان والثقافات الذي أسسه الملك عبد الله بعاصمة النمسا فيينا.... وعاش الفصام وعاش الحوار والسلم على الطريقة الوهابية. و هاهو الغرب الكافر.. حيث يستطيع أي فرد أن يرفع سماعة الهاتف ليتصل بالشرطة قصد الابلاغ عن أي تمييز او إهانة أو سلوك يُعتقد أنه عنصري. انه الغرب الذي يحترم حقوق الجميع ولا يعترف بقوانين فئوية، فالكل متساوون في الواجبات والحقوق، سواء كانوا مقيمين أوافدين جدد أو سياحا. وحتى تلك الجماعات العنصرية المتطرفة حينما يتورط أحد أعضائها في حادث مماثل للذي يقع بالمملكة فإن القضية تثير غضب الرأي العام وتتناقلها وسائل الاعلام، وترفع حولها النقاشات السياسية، ويطرح سؤال حقوق الأجانب والأقليات على مستوى عال من الحدر والإهتمام.. أما المتورطون في جرائم العنصرية فيقدمون للعادلة وينالون العقاب الذي يستحقونه، ولا يقومون بنشر فيديو '' سعودي يخبط رأس هندي"