أنا من المدافعين عن حرية التعبير والابداع والصحافة والولوج إلى المعلومة وإحترام الحقوق الفردية للأشخاص ، والحقوق الجماعية للجماعات في إقامة شعائرها العقدية والدينية ، ومع كل حقوق الانسان الكونية ، منذ أن وعيت بذلك ، ومن دون أن أكون مشتغلا كفنان ، حتى لو كنت مشتغلا بجمع التسابيح في المساجد ، أو جمع التماسيح في حديقة الحيوان ، هذا مبدئي الذي لا أحيد عنه ماحييت . ولكني اليوم أصبت بنكسة مبدأ ، وورطة حذاثة ، وزج برأسي على سكة قطار الظلاميين ليقطعوه منتشين ، هؤلاء الذين يتربصون بديني لكي يمسحوا منه المبادئ الرائعة السمحة ، هؤلاء الذين لايعترفون بأن الله أخرج ابليس من الجنة لمجرد قدحه في خلقه ، هؤلاء الذين لم يستسيغوا خلافة الانسان لله في أرضه ، ووضعوا أنفسهم أوصياء عليه . لقد أصبت بنكسة مبدأ عندما رأيت فيلم نبيل عيوش ، الذي كان دون الفيلم ، بدون أن نذكر السينما لنزاهتها عن الفيلم أصلا ، لقد سقطت في ورطة حذاثة لأني أرغب في الوقوف ضد المنع ، ولم أجد أسلحة ، لقد جردني نبيل عيوش من أبسط سلاح والذي هو القيمة الفنية التي يمكن الدفاع عنها ، فهي لم تتوفر في هذا المولود المضروب بالسلاح الكيماوي في بطن مخرجه ، والذي رماه في وجهنا كأنه مننا ، أو نحن المسؤولين عن تشويهه ، لم يترك لي نبيل عيوش كلمة واحدة أصيغ بها دفاعي عن سينيماه ، لأفتخر وأقول من لا يعرف السينما فليرمي نفسه تحت حصير الزمزمي ، لم يترك لي حرفا واحدا منذ سمعت حروف حواراته المجانية في كادرات مشوهة وإيقاع مر كله على كاميرا محمولة ، كأنه كان سيشتغل على روبورطاج فأغدق عليه بعض التقنيات التي تستعمل في الفيكسيون ، لن أدافع عن فيلمك هذا ، وأرثي لحال كل صناع الفيلم وجمعيات الثقافة السينمائية والمؤسسات السينمائية ، والتي هي الأخرى بين المطرقة والسندان للدفاع عنك ، وسأقول لك عد إلى شاعرية "علي زاوا" ، وإلى دينامية "مكتوب" وإلى حبكة " خيل الله " وإلى سلاسة " مايلاند" ، ودع عنك هذا اللغط الفيلمي ، وليس السينمائي ، لأننا هنا لسنا بصدد السينما ، خصوصا عندما نجد ثلاث نسخ مصورة بفظاظة ، لكل واحدة منها سعالها الفيلمي ، وكحتها الحكائية