لماذا يصر السيد رئيس الحكومة على التشنج، على رفع إيقاع صوته وأخذ ملامح وجهه طابع المواجهة وتحويل جلسة المسائلة الشهرية الدستورية إلى حلبة نزال، كما لو أنه تدور في رحاها معركة حامية الوطيس ؟ آخر صيحاته في عالم الموضة السياسية، والتي تنضاف الى حصيلة قاموس خطابه، نعت مكون من المعارضة "بالسفيه ". من الذي يخرج الرجل الثاني في هرم السلطة عن الرزانة، عن الحكمة والصواب الذي من المفروض أن تتسم به رجالات الدولة ؟ هل هذا تعبير عن عدم القدرة على تحمل مسؤولية مقاليد السلطة التنفيذية ؟ وهل لا توجد من بين مكونات أغلبيته العددية، الغير منسجمة، من يلعب دور الدرع الواقي لضربات المعارضة المشروعة ؟ يطلق اصطلاحا "السفيه" على الشخص الذي تطبع سلوكاته، أقواله وأفعاله تدبدبات واضطرابات تعبر عن عدم التوازن النفسي والفكري، لدرجة نراه يترافع عن الفعل ومباشرة بعد ذلك يقوم بنقيضه. أي أنه يطلق عضلات لسانه للعنان، يوزع البالونات يمينة وشمالا في الهواء لدرجة الهديان وفقدان البوصلة، ويتحول في ظل التوتر، الذي يخرج مكنون اللاشعور، إلى كائن يصرخ ينطق بالإبتذال. السفيه في عالم السياسة ينعت بها الشخص الذي ليست له أية قناعة فكرية، لا يحمل أي مشروع مجتمعي إصلاحي، لا يناضل من أجل أية قضية، فاقد لأية قناعة مبدئية وليست له مواقف تذكر، يصنع لنفسه بطولات دنكيشوتيك ومجدا من الوهم. بل إن دخوله لعالم السياسة محفزه هو بالأساس هاجس الوصول إلى السلطة، ومن ثم الحفاظ عليها بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة وبأي ثمن ولو اقتضى ذلك التنازل عن الكرامة، عن الأخلاق، عن ابسط مقومات الموروث الأخلاقي والثقافي، عن المرجعيات الفكرية الكونية، عن المباديء السياسية العامة والمشتركة وعن أسس الحفاظ على أمن الوطن ولحمة المجتمع. *برلمانية عن الاتحاد الدستوري