يواصل عبد الرحمان شلقم وزير الخارجية الليبي المنشق عن نظام معمر القذافي كشف العديد من الجوانب المثيرة في حياة العقيد وعلاقاته مع رؤساء الدول وسياساته الخراجية وجرائمه السياسيةّ، في حواره مع جريدة "الحياة" اللندنية. في الجزء الثاني من هذا الحوار كشف شلقم جانبا طريفا من علاقات القذافي برؤساء الدول مفاده أن العقيد "كان يتعاطى مع رئيس تانزانيا كوكويتا. شكا إلي الرئيس، وعمره 63 سنة، أن القذافي يخاطبه قائلاً له: «يا ابني». كان يستخدم الأسلوب نفسه في مخاطبة العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي كان أيضاً يتضايق. الشيء نفسه بالنسبة إلى الملك عبدالله الثاني والرئيس بشار الأسد. تصور أن القذافي يقول: «يا ابني يا أوباما». الحقيقة أن هذه الصيغة من القذافي كانت مقصودة لممارسة نوع من الفوقية وتأكيد أنه الطرف الأكثر أهمية أو خبرة". إلى جانب الجرائم التي اقترفها القذافي أو مولها أو حرض عليها، كشف شلقم كيف أن العقيد الليبي، الذي يواجه ثورة شعبية وقرارات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب ضد شعبه، حاول قتل الملك السعودي عبد الله حينما كان وليا للعهد.
أكثر من ذلك، يروي شلقم، كيف أن جنون القذافي ذهب به إلى حد أن أمره بأن يقترح على وزير الخارجية السعودي التآمر مع الليبيين على قتل عبد الله بعدما كشف السعوديون المخطط. يقول شلقم في حديثه لجريدة الحياة: "كان سعود الفيصل قرأ عليّ ملفاً من تسع صفحات حول محاولة اغتيال الأمير عبد الله بن عبد العزيز الذي كان آنذاك ولياً للعهد. وللأسف كل ما قاله كان صحيحاً ومعمر كان مجنوناً وأنا حاولت أن أقنعه، والله، أن يخلع من عقله قصة تصفية (الأمير) عبدالله. يريد أن يقتل الأمير عبدالله ويدمر السعودية ويقسّم السعودية، وقلت له: يا أخ معمر والله هذا لن يحصل لن تستطيع أن تصفّيه ولن تستطيع أن تقسّم السعودية، لكن دعني أذهب إلى السعودية. قال لي لا، لا تذهب. قلت له على كل حال هذه فكرتي أطرحها على الطاولة إذا قررت أذهب إلى السعودية. وأنا خارج من الباب لحق بي شخص أعتقد انه محمد جمعة من حراس معمر فعدت. قال لي معمر القذافي: يا عبدالرحمن اسمع لي. لماذا لا تلتقي سعود الفيصل وتحاول أن تقنعه أن نرتب معه لإسقاط الأميرعبد الله بن عبد العزيز. تبسمت. قلت له أيها الأخ القائد هذه العائلات لديها ولاءات لا تفرط بها. هذا الموضوع لا أستطيع ان أتحدث به إطلاقاً أرجوك. قال لي لاحقاً: وماذا عن تقسيم السعودية؟. والله أنا أتذكر أنني رفضت التعليق – لأنني (كنت أريد) أن أقول له تقسيم ليبيا أسهل من تقسيم السعودية فهذا ما حضر إلى ذهني. بالنسبة لي أنا مستعد أن أنتحر ولا أرى تقسيم ليبيا ولا أريد تقسيم أي دولة عربية".
الصحافي المصري حسنين هيكل الذي كتب قصيدة مديح في حق الملك فاروق قبل أن يصبح من "منظري" عبد الناصر إثر الانقلاب العسكري الذي قاده ضده هذا الأخير باسم "الضباط الأحرار" وسمي "ثورة" سنة 1952، لعب دورا في تحريض القذافي على اغتيال الملك السعودي عبد الله وتقسيم السعودية حسب إفادات شلقم. "وللأسف لعب محمد حسنين هيكل دوراً في تحريضه. هيكل كان متعاطفاً مع القذافي ولا يزال. وهذا ما أسميه أنا السلفية القومية. إنني أشير إلى اللغة البلاستيكية أو الخشبية والحملات على الإمبريالية والاستعمار.
هؤلاء يقيمون في مرحلة تجاوزها الزمن. الذي يستطيع أن يتقن صناعة الحنطور في القرن الخامس عشر لا يستطيع بالضرورة أن يتقن صناعة الكمبيوتر في القرن العشرين. هؤلاء بقوا هناك. دعني أكن صريحاً. المتاجرة بشعارات الوحدة العربية ماذا جلبت لنا غير الهزائم والكوارث والعداوات والتخلف؟ هيكل كان يقول إن السعودية ضد الثورة في ليبيا وإنها حاولت تحريض الأميركان والإنكليز لإسقاطها مبكراً، وإنها نصحت الملك إدريس بعدم التنازل".