حدد القضاء الجزائري، اليوم الثلاثاء، مواعيد النظر في أكبر 3 قضايا فساد في فترة حكم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، في بلد تصنف ضمن قائمة الدول التي تشهد انتشارًا كبيرًا للفساد في مختلف القطاعات من قبل منظمات غير حكومية دولية. وبرمجت محكمة الجنايات بالجزائر العاصمة النظر يوم 19 أبريل / نيسان قضيتي فساد هزتا الرأي العام المحلي تسمى الأولى "الطريق السيار شرق – غرب"، والثانية تخص شركة النفط الحكومية "سوناطراك" وفق جدول نشرته اليوم الثلاثاء للقضايا المنتظر معالجتها من قبل المحكمة خلال الدورة الجنائية الأولى للعام 2015 والمنتظر انطلاقها يوم 19 أبريل/ نيسان. وكانت ذات المحكمة قد برمجت القضيتين خلال مارس/ آذار الحالي لكن غياب شهود ودفاع المتهمين دفع القضاة إلى تأجيل النظر فيهما. وظهرت قضية "الطريق السيار شرق – غرب" العام 2009 بعد تحقيقات أجرتها فرق أمنية من جهاز المخابرات متخصصة في الجرائم الاقتصادية كشفت عمليات مشبوهة في منح صفقات خاصة بالمشروع حسب وسائل الإعلام المحلية. ويوصف مشروع الطريق السيار الممتد من الحدود التونسية شرقا إلى الحدود المغربية غربا على مسافة أكثر من 1200 كلم، بأنه مشروع القرن في الجزائر. وفاز بالصفقة التي أعلنت العام 2006 مجمع "سيتيس-سي ار سي سي" (الصين) ومجمع "كوجال" (اليابان) بفترة إنجاز مقدرة ب 40 شهرًا لكن المشروع شهد تأخرًا في الإنجاز حيث مازالت الأعمال مستمرة بمقاطع شرق البلاد. ويتابع في القضية 23 متهمًا هم 16 شخصًا ( 14 موقوفين واثنان في حالة فرار) أغلبهم مسؤولون في وزارة الأشغال العمومية التي أشرفت على المشروع و7 شركات أجنبية وهي مجمع "سيتيس-سي ار سي سي" (الصين) ومجمع "كوجال" (اليابان) و مجمع "سمينك" (كندا) ومجمع "إزولوكس كورسان" (اسبانيا) ومجمع "بيزاروتي" (ايطاليا) و"كرافنتا أس أ"(سويسرا) و"كوبا" (البرتغال). وحسب قرار الإحالة في القضية وجهت تهم "قيادة جمعية أشرار واستغلال النفوذ والرشوة وتبييض الأموال وتبديد أموال عمومية" للمتورطين في القضية. أما قضية "سوناطراك" فيحاكم فيها 19 متهمًا في قضية فساد هزت شركة النفط الحكومية الجزائرية العملاقة سوناطراك وعلى رأسهم رئيس مجلس الإدارة السابق محمد مزيان واثنان من أبنائه و8 مدراء فروع سابقين بالشركة إلى جانب ممثلين عن شركتين أجنبيتين هما "سايبيم" الإيطالية و"فونكويرك" الألمانية بتهم تتوزع بين "تبييض الأموال" و"تبديد أموال عمومية" و"فساد في إطار إسناد الصفقات" لشركات أجنبية بملايين الدولارات كما نشرت وسائل إعلام محلية. من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن مصدر قضائي أن محكمة الجنايات بمدينة البليدة جنوب العاصمة برمجت قضية فساد ثالثة تسمى "فضيحة القرن" وتخص رجل أعمال أسس بنكا خاصا وقام بتهريب أموال ضخمة تعود لمؤسسات حكومية نحو الخارج، حيث سيتم نظر القضية في يونيو/حزيران المقبل. وتسمى قضية عبد المؤمن خليفة محليًّا ب"فضيحة القرن" بعد اكتشاف السلطات تأسيسه بنكًا خاصًا مطلع العقد الماضي أغرى من خلاله شركات عمومية ومواطنين بنسب فوائد كبيرة لإيداع أموالهم لديه قبل أن يتبيّن أنها عملية احتيال لتهريب الأموال نقدًا نحو الخارج عبر شركة طيران أسسها المتهم لذات الغرض قبل أن يفر إلى بريطانيا عام 2003. وكانت محكمة جنايات البليدة، غرب العاصمة الجزائر، أصدرت حكمًا غيابيًّا بالمؤبد (25 عاما) في حق عبد المؤمن خليفة في يناير/كانون الثاني 2007، وأحكامًا بالسجن تتراوح بين سنتين و20 سنة في حق المتهمين معه، بتهمة تبديد أموال ضخمة تجاوزت 3.2 مليار دولار وخسائر مالية هائلة في خزينة الدولة الجزائرية تجاوزت 5 مليارات دولار. وتسلمت الجزائر رجل الأعمال الفار من السلطات اللندنية نهاية العام 2013 وقررت إعادة محاكمته حضوريًا. وتعد هذه القضايا الثلاث من أكبر قضايا الفساد التي شهدتها البلاد خلال في فترة حكم الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الذي وصل الرئاسة العام 1999. وذكر تقرير صادر عن المنظمة غير الحكومية "شفافية دولية" لعام 2014 أن الجزائر صنفت في المركز ال105 في مؤشر الدول الأكثر فسادا في العالم وهي دولة تعتمد عائداتها من العملة الأجنبية بنسبة 97 بالمائة على صادرات النفط والغاز. وقالت المنظمة، في تقريرها، إنه "وبالرغم من أن السلطات الجزائرية اعترفت على لسان الكثير من المسؤولين، وفي مقدمتهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على أن الفساد تغلغل داخل مؤسسات الدولة، إلا أن الإجراءات والقرارات المتخدة لم تغير في الوضع الشيء الكثير".