من منا لم يشاهد في يوم من الأيام بطاقة متبة فوق زجاج سيارة ،بخطين أخضر وأحمر،وقد كتب فوق صدرها ..التعظيم والتوقير والإحترام..خُدام الأعتاب الشريفة ! أو صادف شخصا يلوح مزهوا ببطاقة خاصة جدا ، مطبوع فوقها بحبر سلطوي ..يجب احترام وتوقير حامل هاته البطاقة ! هاته البطاقة التمييزية تُمنح للأشراف الأدارسة أحفاد المولى إدريس،لكي تميزهم عن غيرهم من الرعايا الغير شرفاء ،الذين لم تمنحهم الصدفة ، شرف الإنتماء إلى العرق المحظوظ والفرقة السامية!
هاته البدعة التي ابتدعها رابطة الشرفاء الأدارسة ، لم ينزل بها الله من سلطان ولا أصل لها في الدين ، فالنبي محمد ،بشر كباقي البشر يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق وهو رسول قد خلت من قبله الرسل ،كما قال فيه القرأن. فالإسلام قد جاء ليساوي بين المسلمين ،ولم يأتي لرفع فئة فوق أخرى، حتى ولو كانت من نسل النبي محمد .
إن هذا التقليد القروسطي ،والمستند على خنوع وتطبيع جمعي ، أسهمت في تشكيله قداسة مصطنعة، أسست لها الدول التي توالت على حكم المغرب ،من اجل فرض نفوذها وسيطرتها ، وجعل الإنتماء الى أل البيت ، سواء كان حقيقة او افتراضا، سبيلا و مطية من أجل الوصول الى الحكم ،واكتساب هالة ومكانة اجتماعية و منافع اقتصادية.
إن منشور وزارة العدل رقم 963 وغيره ،الذي ينظم الإنتساب الى هاته الرابطة، ويجعل من مواطينين ،يتمتعون بقوى خارقة ،وامتيازات كبيرة ،ينبغي ان يلغى، لأنه يتعارض مع مبدأ المساواة بين جميع المنتسبين إلى هذا الوطن ،بإختلاف اعراقهم ولغاتهم وأنسابهم وطبقتهم الإجتماعية وانتمائهم الأيديولوجي!
التصريح المشترك لوزارتي الداخلية والعدل ،الصادر في 11 من شهر فبراير الجاري ، والذي جاء من اجل منع اصدار هاته البطائق، عقب استفحال المتجارة وطباعة هاته الوثائق بطرق غير قانونية، يعتبر خطوة في الطريق الصحيح من اجل القطع مع هذا التقليد البائد، والتأسيس لدولة المواطنة، حيث ان الإنتماء الى الوطن هو المعيار الوحيد والأوحد، بغض النظر عن الإنتماء العقدي ،والجنس واللسان والنسب..