سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استمرار الضغط عبر الاحتجاج السلمي ضروري من أجل الاعتذار الملكي ومحاسبة جميع المسؤولين عن فضيحة العفو وإسقاط حق العفو عن الملك وتنظيمه وفق التجارب الدولية
لازالت بلاغات القصر الملكي تتقاطر، لمعالجة أزمة فضيحة العفو الملكي عن مغتصب الأطفال المغاربة 11، في سابقة من نوعها في تاريخ حكم الملوك العلويين للمغرب، ورغم ذلك فدعوات الاحتجاج مستمرة في كل من الدارالبيضاء اليوم الثلاثاء والرباط غدا الأربعاء، مما يؤشر على تحول نوعي في وعي الفرد المغربي بالمواطنة الحقيقية. وورد في البلاغ ما قبل الأخير قرارا من الملك بإقالة حفيظ بنهاشم، مدير المندوبية العامة لإدارة السجون، وتم تحميل هذا الأخير المسؤولية الكاملة في أزمة فضيحة العفو، بعد أن قدم بنهاشم معطيات غير صحيحة للديوان الملكي عن الحالة الجنائية للمعفي عنه.
خطوة إقالة بنهاشم جيدة، رغم أنه كان يجب أن يقال هذا الجلاد من زمان، بل وجب أن يحاكم على كل جرائمه في الماضي والحاضر.
فالسيد بنهاشم وفق تقارير حقوقية متعددة، يعتبر من رجال وزير الداخلية الغير المؤسوف عن رحليه إدريس البصري، وسبق له ان تولى مناصب عديدة في الأمن.
وأشرف بنهاشم بشكل شخصي على مجموعة من عمليات الاختطاف للمناضلين وتعذيبهم في المعتقل السيء الذكر "درب مولاي الشريف"، وهذا مسجل في شهادات العديد من ضحاياه في جلسات الاستماع لهيئة الإنصاف والمصالحة.
كما يعتبر بنهاشم من أكثر المسؤولين إثارة للجدل طيلة السنوات الأخيرة، فقد سبق للعديد من المعتقلين في ملف السلفية الجهادية ومعتقلي الرأي العام، تقديم شكاوى عن سوء المعاملة التي يتعرضون لها من داخل سجونه، بالإضافة الى تقرير السجون الأسود الذي أنجزه المجلس الوطني لحقوق الانسان وهو مؤسسة رسمية، كما ادان بنهاشم تقرير المقرر الأممي حول التعذيب "مانديز"، خلال زيارته لسجون المملكة.
فمسؤولية بنهاشم واضحة في ملف فضيحة العفو عن دانيال، كما مسؤوليته في سنوات الرصاص مؤكدة، وسوء تدبيره للسجون وتورطه في التعذيب وسوء المعاملة للسجناء لا يمكن أن ينفيه أي عاقل.
لهذا، ومع حديث بلاغ الملك الثاني عن معاقبة المسؤولين على العفو الفضيحة، فهل سيحاكم بنهاشم عن جرائم الماضي والحاضر، أم أنه سيوظف فقط كحائط قصير للبحث عن انفراج عابر للأزمة القائمة والتي أثارت غضب عموم المغاربة بل شعوب العالم كلها؟.
كما وجب التوضيح أن مسؤولية باقي أعضاء لجنة العفو قائمة، حسب الظهير الشريف رقم 1.57.387 المؤرخ في 6 فبراير 1958 المنظم لعمل لجنة العفو وهم كالتالي:"زير العدل أو نائبه بصفة رئيس،مدير الديوان الملكي او نائبه؛ الرئيس الأول للمجلس الأعلى أو ممثله؛ المدعى العام لدى المجلس الأعلى أو ممثله؛ - مدير القضايا الجنائية والعفو أو ممثله؛ مدير إدارة السجون أو ممثله؛ و يتولى كتابة اللجنة موظف تابع لوزارة العدل".
لهذا وجب إقالة هؤلاء جميعا كما جاء في البلاغ الثاني للملك، الذي تضمن وعدا بمعاقبة كل من ساهم في هذه الخطأ الشنيع، وليس عقاب فقط عضو واحد في اللجنة هو "مدير السجون".
فوزير العدل مصطفى الرميد، الذي تبدو مسؤوليته واضحة لم يخجل من نفسه وحاول في وقت سابق تبرير العفو الفضيحة بالمصالح العليا للوطن، مما ساهم في تأجيج الوضع. بالأمس طل علينا في القناة الثانية ملبسا التهمة لبنهاشم، لكي ينجو بجلده من عار هذه الفضيحة التي ستلاحقه في باقي مساره السياسي.
وبما أن الاعتذار الملكي للشعب المغربي عن فضيحة العفو لم يصدر بعد، وقرار بإقالة ومحاكمة الجلادين من الأمنيين الذي عنفوا المحتجين ليلة الجمعة لم يتخذ بعد، كما أن غالبية المسؤولين عن فضيحة العفو لازالوا بمناصبهم، فيما تم التراجع عن تطبيق قرارات البلاغ الملكي الثاني كاملة وتم تجزئيها بإسقاط عضو واحد في لجنة العفو.
لهذه الأسباب، ومن أجل رد الاعتبار لكرامة المغاربة وحماية أطفالنا من الوحوش البشرية، بالإضافة الى التعجيل بمطلب استقلالية القضاء، وإسقاط حق العفو المطلق عن الملك وإسناده لوزير العدل وتقييد مسطرة العفو وفق التجارب الدولية الرائدة، التي تضمن حقوق الضحايا والمجتمع.
وجب على الشباب المشاركة المكثفة في الوقفات والاستمرار في الاحتجاج والضغط حتى تحقيق هذه المطالب النبيلة، وعدم ترك أي جهة سياسية الركوب على هذه الاحتجاجات او محورتها. فعدالة قضية الدفاع عن ملائكتنا والسند الشعبي للمطالب وسلمية الاحتجاج وعدم تسييسه، ستكون عوامل النجاح لهذه الحركة الاحتجاجية العفوية.
فلا تهتموا إلى الأبواق الانتهازية من النخب المتملقة والسياسيين المفلسين، فهؤلاء الجبناء هربوا جميعا وتركوا القصر والشعب وجها لوجه في مواجهة الأزمة، منذ بداية الملف الفضيحة حتى صدور بلاغ الملك.