بعد يومين فقط من إصدار الخازن العام للملكة نور الدين بنسودة لنشرة إحصائية تقول إن العجز في حساب الخزينة بلغ عند متم شهر مارس الماضي 22.9 مليار درهم، خرجت وزارة الاقتصاد والمالية بنشرة تكذب هذا الرقم جملة وتفصيلا وتؤكد أن العجز خلال الشهور الثلاثة الأولى من السنة بلغ بالضبط 17.5 مليار درهم. وقد أكدت مصادر من داخل وزارة الاقتصاد والمالية ل"الاتحاد الاشتراكي" التي أوردت الخبر في عدد الخميس 25 أبريل 2013، أن تضارب هذين الرقمين أثار بالفعل تساؤلات خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خلال الاجتماعات الربيعية المسدل عنها الستار أول أمس بنيويورك، والتي شارك فيها وفد مغربي هام ترأسه الوزير نزار بركة و والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري و عدد من خبراء وأطر وزارة الاقتصاد والمالية و البنك المركزي ووزارة الشؤون العامة والحكامة، حيث استفسر الخبراء الدوليون نظراءهم المغاربة عن حقيقة العجز المصرح به من طرف الخزينة العامة للمملكة ، على اعتبار أن رقم 23 مليار درهم الذي ورد في نشرتها كان مفاجئا و من شأنه أن يربك جميع حسابات المانحين الدوليين ويقلب كل توقعاتهم خصوصا ألا علاقة له بالتصريحات الرسمية لوزارة الاقتصاد والمالية حول العجز.
نفس المصادر أوضحت أن هذا التضارب جعل خبراء لجنة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المشتركة تتدارس تفاصيل هذه الأرقام مع مسؤولين من الوفد المغربي لاستيضاح حقيقة العجز المصرح به رسميا، فتبين بعد شروحات مطولة و معقدة أن الخزينة العامة قامت خلال تحديدها لمستوى العجز باحتساب المتأخرات مرتين ، إحداهما برسم السنة المالية 2012 و الثانية برسم 2013 ، وهو ما جعل الوفد المغربي يبذل مجهودا مضاعفا لتوضيح الصورة أمام الخبراء الدوليين الذين اقتنعوا أخيرا بأن قيمة العجز 17.5 مليار درهم، و التي هي في جميع الأحوال تشكل خطرا يتهدد الاقتصاد الوطني ومن شأن استمرار تفاقمها بنفس الوتيرة أن ينهي معدل العجز ب 8 في المائة عند نهاية العام الجاري، بدل 4.8 الذي وعدت به الحكومة بداية السنة و5.5 في المائة الذي توقعته مؤخرا.
بيد أن الأدهى من هذا كله هو خطر اهتزاز مصداقية المغرب في أعين المؤسسات الدولية المانحة، خصوصا حين تكثر عليها الأرقام "الرسمية" المتضاربة والتي تصدر متباينة في كل مرة عن جهات مختلفة ، بل الأفظع أن تتضارب بين الوزارة الأم ومؤسسة تابعة لها ؟ !!