سأل سليمان الريسوني، الصحافي بجريدة "المساء"، البشير بنبركة نجل الشهيد المهدي بنبركة، عن رأيه في "تغيير مناضلين حقوقيين من طينة إدريس بنزكري وأحمد حرزني موقفيهما ب180 درجة من قضية بنبركة"، فأجاب قائلا "القناعة التي تشكلت لدينا هي أن الجهاز الأمني في المغرب له ثقل يجعل المسؤولين السياسيين، وحتى الشخصيات التي لها مسؤوليات اجتماعية مهمة مثل رئيس هئية الإنصاف والمصالحة أو رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، يخضعون له". البشير بنبركة حرص على وضع هذه "القناعة" في سياق ما ظهر له تناقضا بين "الإرادة الملكية" والأمر الواقع في قضية المهدي بنبركة. إذ يجيب على سؤال "المساء" "هل يعني هذا أن الأجهزة الأمنية المغربية تتحدى إرادة الملك في كشف الحقيقة في ملف المهدي وتعرقل خطوات الوصول إليها؟"، (يجيب قائلا) "نحن نلاحظ وضعا معينا، يقوم على التناقض بين الإرادة الملكية وعدم ترجمتها من طرف السلطات الحكومية والمؤسسات، ونطرح أسئلة".
في هذا السياق يتساءل البشير بنبركة "لكننا نتساءل: أليس الملك فوق هذه الأجهزة الأمنية؟ ألم يؤكد مرارا أنه ليس لديه أي حرج من الكشف عن الحقيقة في قضية المهدي بنبركة؟ هذا الكلام قيل من طرف سفير المغرب في فرنسا، حسن أبو أيوب، عندما أخبرته سنة 1999 بقرار عائلتنا العودة إلى المغرب بعد خطاب العرش للملك محمد السادس الذي أعلن فيه عن ارتباطه العميق بمبادئ حقوق الإنسان". مستند آخر يسوقه بنبركة لتوضيح هذه المفارقة ويتعلق بحديث الملك محمد السادس في مطلع عهده عن قضية المهدي بنبركة. يوضح "كما أن الملك محمد السادس قال، في الحوار الذي خص به جريدة "لوفيغارو" الفرنسية، إنه متفهم جدا لمجهودات عائلة بنبركة من أجل الكشف عن حقيقة ما حدث للمهدي، وهو تقريبا نفس الكلام الذي قاله الملك أيضا لبنزكري ثم لحرزني، أي أنه لا يضع أي خطوط حمراء أو صفراء في قصية المهدي" يوضح البشير بنبركة في الحلقة 15 من حواره مع "المساء" المنشور في عددها 1860 لنهاية الأسبوع.
بعد ذلك يتساءل البشير بنبركة قائلا "لذلك نتساءل كعائلة: لماذا لم تجد الإرادة الملكية ترجمة عملية من طرف وزارة العدل أو من طرف رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة أو من طرف رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان؟". كما جدد البشير بنبركة مطلب العائلة ب"الاستماع إلى شهود أمنيين، منهم أساسا: ميلود التونزي، المعروف بالشتوكي، والجنرال عبد الحق القادري والجنرال حسني بنسليمان"، إضافة إلى "بوبكر الحسوني، الملقب بالممرض والذي كان يقوم بإعادة إنعاش المناضلين الذين كان يغمى عليهم من فرط التعذيب"، وكذلك "عبد الحق محمد العشعاشي أخ محمد العشعاشي".
كما ذكر البشير بنبركة بأن الجنرال عبد الحق القادري "كان ملحقا عسكريا بسفارة المغرب بباريس سنة 1965"، وأن الجنرال حسني بنسليمان "كان حينها قبطانا يشتغل في ديوان أوفقير". هذا الأخير ما يزال قائدا عاما للدرك الملكي تصدر عناوين الصحف في ارتباط بهذه القضية، بمناسبة سفره للندن بصفته رئيسا للجنة الأولمبية المغربية في افتتاح الألعاب الأولمبية الأخيرة قبل أسابيع، على أساس أن سفره سيكون فرصة للاستماع إلى شهادته في هذه القضية من طرف العدالة الفرنسية.
غير أن الواقع أن مذكرة البحث الدولية التي يفترض أن تكون سندا للاستماع لشهادة حسني بنسليمان غير موجودة أصلا، كما كشف ذلك موريس بوتان، محامي عائلة المهدي بنبركة وأول محامي انتصب في قضية اختفائه منذ 1965، في ندوة فكرية حول "الحقيقة والمسؤوليات في جريمة اختطاف واغتيال المهدي بنبركة"، نظمت بالرباط سنة 2009 غداة تهجم حميد شباط، القيادي في حزب الاستقلال، على الشهيد المهدي بنبركة واتهامه باغتيال عباس المساعدي. في تلك الندوة كشف موريس بوتان أن "السلطات القضائية الفرنسية لم تقم بتفعيل مذكرة البحث التي أصدرها قاضي التحقيق الفرنسي باتريك راماييل في حق مسؤولين مغاربة بينهم الجنرال حسني بنسليمان في أكتوبر من سنة 2007." كما أوضح أن "باتريك راماييل، قاضي التحقيق الفرنسي، راسل وزير العدل الفرنسي مستغربا حول عدم اعتقال أي من المطلوبين الخمسة بعد سفر الجنرال حسني بنسليمان إلى بكين وسفر مطلوب آخر إلى اسبانيا، فاكتشف أن وزارة السلطات الفرنسية، لأول مرة في تاريخ فرنسا، تحجم عن تنفيذ مذكرة اعتقال في حق مطلوبين للعدالة". اسنتنج موريس بوتان، كما أوضح في نفس الندوة، أن في ذلك دليلا على "وجود تواطأ بين الحكومتين المغربية والفرنسية لعدم كشف الحقيقة في ملف المهدي بنبركة".