يبدو أن القناتين الأولى والثانية قد اقتسمتا الأدوار هذه المرة بشكل جدي. فبعد 10 أيام من المتابعة لبرامج القناتين خلال شهر رمضان، اتضح، وفق ما تابعته "كود"، أن “الأولى" تسوق لمادة تلفزية مستوحاة من نموذج ثقافي وسلوكي محافظ، في حين أن القناة الثانية اختارت منحى آخر عندما راهنت على مواد تلفزية ساعة الإفطار أقرب لنموذج محافظ. فنموذج العائلات المغربية الذي تسوقه مثلا سلسلة "ديما جيران" على القناة الثانية يبدو أقرب إلى المعاصرة كما تابعت ذلك “كود"، بدءا من اللغة المستعملة مرورا بطبيعة ملابس الشخصيات وأثاث المنازل وانتهاء بطيبعة العلاقات الأسرية، أما سلسلة "ماشاف مارا" على القناة الأولى فظلت وفية لتلك النماذج "المحافظة" من ملابس ولغة وثقافة رغم الديكور المعاصر. أما ميدي 1 تي في، فلم تبتعد كثيرا عن الحس المعاصر للقناة الثانية لكن بأسلوب مختلف تماما عندما سوقت في سلسلة "دارت ليام" لنماذج عائلات مغربية مستوحاة في علاقاتها من المسلسلات التركية المرتكزة أساس على جمالية الشكل بكل أبعاده من ديكور وملابس ومناظر خارجية، بمعنى آخر انتهاج سياسة تتريكية على حد تعبير العثمانيين. قناة العزوزي عباس، مديرها الحالي، لا تنسى الاهتمام بولي نعمته محمد منير الماجيدي مدير الكتابة الخاصة الذي جاء بهذا الرجل لادارة القناة فاصبحت قناة تابعة للماجيدي ولرجالاته ولزبانيته يبدو أن مثل هذه الخيارات لا تأتي اعتباطا، بل تعكس توجها ثقافيا معينا استنادا للمعطيات السياسية التي رافقت الستة أشهر الماضية خصوصا في صراع حكومة بنكيران مع التلفزيون العمومي، فالقناة الثانية باختياراتها الرمضانية تقطر الشمع على الحكومة وتوجه رسالة مفادها أنها لن ترضى لنفسها ذلك التوجه الذي ارتضاه لها الخلفي في دفاتر تحملاته، أما قناة العرايشي فتكوي وتبخ، حاربت توجهات الحكومة في التلفزيون، لكنها في نفس الوقت تركت شعرة معاوية مع الحكومة الملتحية، عندما اختارت لنفسها المراهنة على النماذج المحافظة كما فعلت خلال السنوات الماضية مع دار الورثة وجحا والحراز... حتى لا يجد أصدقاء بنكيران ما يهاجمون به مستقبلا. أما ميدي 1 تي.في، فطبيعة القائمين على عليها والمحركين لخيوطها الإعلامية والمالية، تجعلهم ةلن يقبلوا أبدا أن تضع الحكومة رجلها في ملعبهم.
للتذكير، فإن الخيار التلفزي الذي راهنت عليه القناة الأولى كان صادما جدا من الناحية التجارية ولا أدل على ذلك نسب المشاهدة جد المتدنية التي حصلت عليها مقارنة بالقناة الثانية التي استفادت بشكل كبير من أموال المعلنين وفق نظرية "الجمهور عاوز كده".