احتضن منزل الناشط الصحراوي إبراهيم دحان مأدبة عشاء بمناسبة الإفراج ليلة الثلاثاء 19 أبريل 2011. وكان إبراهيم دحان قد تم تمتيعه الأسبوع الماضي بالسراح المؤقت إلى جانب علي سالم التامك و حمادي الناصري والذين سبق اعتقالهم شهر نونبر 2009 رفقة أربعة أشخاص آخرين، بينهم سيدة، ووجهت إليهم تهم التخابر مع جهات خارجية وتهديد أمن الدولة على خلفية زيارتهم للجزائر ومخيمات اللاجئين. حسب ما استقته '' كود '' من مصادر جد مطلعة هو طبيعة الوجوه التي حضرت المأدبة والتي ما كان لها أن تجتمع تحت سقف واحد في هذا الظرف بالذات دون مباركة جهات ما – سواء في الرباط أو في بئر لحلو، أو الاثنين معا- و لسبب ما ، ومن أجل هدف ما. فمكان المأدبة ليس إلا منزل إبراهيم دحان، واحد من أكثر الصحراويين تعصبا للبوليساريو، و المناسبة كانت حفل آخر للاحتفاء بالمناضلين المفرج عنهم حسب تعبير إعلام الجبهة، والحضور كان عبارة عن فسيفساء غريبة يعجز أكثر المتتبعين دراية وتحليلا لشؤون الصحراء عن أيجاد روابط و قواسم مشتركة يمكن أن تشكل أرضية للالتقاء بين تيارات مختلفة حد التناقض. من يصدق أن تجتمع أمنتو حيدار زعيمة الكوديسا والرهان رقم واحد بالنسبة لقادة البوليساريو، وعبد المجيد بلغزال عضو الكوركاس ومهندس التقرير-المحضر الذي قدمته أمينة بوعياش عن تفكيك مخيم اكديم إزيك وما تلاه، وصاحب الأدوار الخفية في ما يرتبط بالصحراء، تحت خيمة واحدة ليتحدث علي سالم التامك ودحان ومحمد المتوكل والغالية دجيمي عن ما أسماه مصدر "كود" بالتأسيس لمرحلة جديدة مبنية على الحوار وتفادي مكامن الاختلاف. إن ما يؤكد أن حفل العشاء هذا ليس كباقي الحفلات التي دأب الصحراويون عبرها على الاحتفاء بمعتقليهم هو الطريقة التي تمت بها دعوة الضيوف حيث تم اعتماد تقنية شبيهة بتلك التي تستعملها السلطات بالعيون عندما توزع دعوات الحضور إلى قصر المؤتمرات عن طريق تخصيص كوطا لمختلف الأطياف بالمدينة، وهو نفس النهج الذي اتبع في دعوة ضيوف المأدبة- اللغز، بحيث حضر الفاعل الجمعوي و الناشط الحقوقي و المناضل النقابي والباحث الأكاديمي وكل تم الحرص على الإشارة إلى صفته على الظرف الذي بعثت فيه الدعوة – علق مصدر ''كود'' على أن ما كان ينقصها هو ''لمقدم ديال الحومة يوصلها". أليس مثيرا للاستغراب أن تحضر الصحفية بقناة العيون الرعبوب أبهاي وزميلها السابق سعيد زعواطي إلى مأدبة تقام احتفاء بمن وصفتهم قناتهم بالأمس ذات يوم بأقسى الأوصاف والنعوت ، لولا ضوء أخضر من جهة ما. أيعقل أن يلتقي علي سالم التامك ب بابا ميارة عضو الكوركاس ورئيس رابطة حقوق الإنسان واللذان يعرف كل الصحراويين ما يكنه كل منهما للأخر منذ حقبة فرع الصحراء لمنتدى الحقيقة والإنصاف. إن طبيعة و حجم الحضور( الغالية دجيمي، محمد المتوكل، الحسين ليدري ، فاطمة عياش، التامك، دحان ، الحيرش.... بابا ميارة محمد سالم الشرقاوي، محمد باري، عبد المجيد بلغزال، سعيد بوشاكوك، محمد سربوت،سعيد زعواطي، الحيرش وأخرون...) واللغة الجديدة التي تم تداولها خلال اللقاء والتي استهلها علي سالم التامك تؤكد أنه ليس حدثا عرضيا وروتينيا، بل فرصة كبيرة تحمل في طياتها مجموعة من الرسائل المشفرة والتي لا يمكن تفكيكها بمعزل عن الأحداث التي عرفتها المنطقة منذ نونبر الماضي ، وكذا الأوضاع الإقليمية و ما يشهده العالم العربي من حراك ، وهو الشيء الذي أشار له بوضوح الأمين العام الأممي بان كي مون في تقريره الأخير حيث لمح إلى أن ما يشهده العالم العربي من أحداث يمكن أن تدفع الأطراف إلى إيجاد حل عاجل ، وكذا تأكيده على أن أي حل لنزاع الصحراء لا بد له أن يحظى بموافقة السكان كما دعا إلى إشراك ممثلين حقيقيين للسكان في المحادثات، وهو ما فسر به مصدر ''كود'' هذا التقارب المفاجئ بين تياران يشتغلان على طرفي نقيض بخصوص قضية الصحراء ويعمل كل منهما تبعا لبوصلة تعتبر الطرف الأخر أكبر خطر يمكن أن يحول دون وصول سفينته إلى بر الأمان. تقارب لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن يكون صدى لحراك هناك .. في الرباط و بئر لحلو وبمباركة من الإليزيه و المرادية للتذكير فقد كان أول نشاط قام به التامك فور خروجه من الزاكي هو لقاءه و رفيقه حمادي الناصري بمسؤولين بالسفارة الأمريكيةبالرباط، وقد دام اللقاء زهاء الساعتين.