اعتقلت مصالح الأمن بمطار محمد الخامس، بعد ظهر أمس الخميس، عناصر المجموعة الصحراوية المتكونة من سبعة أفراد والتي أقدمت على زيارة مخيمات الحمادة بتندوف مباشرة بعد أن حطت الطائرة التي كانت تقلهم. وينتظر أن تسند مهمة التحقيق مع السبعة، الذين زاروا تندوف واستبقلوا من طرف البوليساريو استقبال الأبطال، إلى عناصر من المخابرات العسكرية المغربية المعروفة اختصارا ب«لادجيد»، حيث تقرر أن هذه الأخير ة هي التي ستشرف من الآن فصاعدا على كل الملفات التي يتهم فيها مغاربة بالتخابر مع قوى أجنبية بعد أن كانت تسند مثل هذه الملفات إلى عناصر مراقبة التراب الوطني قبل أن تحال على النيابة العامة بعد استكمال التحقيق مع المتهمين. وتعذر على نشطاء من التنظيم الذي ينتمون إليه ممن توجهوا إلى المطار لاستقبالهم الاتصال بهم حيث بقيت هواتفهم مغلقة. قبل أن تقلع الطائرة التي كان على متنها سبعة عناصر من بوليساريو الداخل من مطار الجزائر في اتجاه مطار محمد الخامس أمس الخميس، اختار زعيم المجموعة علي سالم التامك تنظيم ندوة صحافية ندد من خلالها بما تعرض له خمسة زملاء له حاولوا، بداية الأسبوع الجاري، تنظيم زيارة ثانية لمخيمات تندوف وتم منعهم من قبل السلطات المغربية عندما وطئت أقدامهم النقطة الحدودية بئر الكندوز مع موريتانيا، محاولا بذلك استباق ما يمكن أن يتعرضوا له عند ما تطأ أقدامهم أرضية مطار محمد الخامس. حيث راجت، صبيحة، أمس الخميس، أنباء قوية عن اعتقالهم. التامك أدلى، خلال هذه الندوة، بشهادة كال فيها عددا من الاتهامات للشرطة المغربية كما استعرض ما اعتبره «انتهاكات لحقوق الإنسان تعيش على إيقاعها المناطق الصحراوية»، مشيرا إلى أنه في كل المدن الصحراوية التي وصفها ب«المحتلة» «يذهب السكان الصحراويون ضحية الانتهاكات المستمرة»، على حد تعبيره. وأضاف التامك الذي كان يتحدث وكأنه قيادي في جبهة البوليساريو، أنها «أول مرة نحضر فيها إلى الجزائر لندلي بشهاداتنا حول معاناة إخواننا الصحراويين ولنقول كذلك إنهم يبقون متمسكين بالقضية الشرعية لبلدهم». واعتبر الزيارة التي يقومون بها «بمثابة الرد على سياسة تجاهل حقوق الشعب الصحراوي من قبل سلطات الاحتلال التي تمارس قمعا يوميا ومستترا ضد الصحراويين الذين يطالبون بالحق في تقرير المصير المعترف به من قبل المجموعة الدولية». ولم يجد التامك أدنى حرج وهو يتحدث أمام ما يسمى ب«اللجنة الوطنية للتضامن مع الشعب الصحراوي»، المدعومة من طرف المخابرات الجزائرية في أن يصف السلطات المغربية ب«سلطات الاحتلال». غير أن متدخلا آخر من نفس المجموعة كان أكثر جرأة منه ووصف السلطات المغربية ب«سلطات العدو». ولأول مرة تثير زيارة قام بها بضعة أشخاص من بوليساريو الداخل إلى تندوف ضجة إعلامية وسياسية كبرى بالمغرب، حيث أدانت مختلف التشكيلات السياسية المغربية هذه الزيارات، معتبرة إياها خيانة عظمى للوطن ونوعا من التخابر مع الأجنبي، حيث ذهبت بعض المواقف إلى حد مطالبة الدولة المغربية بإنزال أقصى العقوبات بعناصر هذه المجموعة وعرضهم على أنظار المحكمة العسكرية، بتهمة التخابر مع الأجنبي. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأصوات المنددة والمتهمة بالخيانة، اعتبر محمد المتوكل، عضو تجمع المدافعين عن حقوق الصحراويين المعروفة اختصارا ب«الكوديسا» الذي تنتمي إليه عناصر هذه المجموعة، التهم الغليظة المتعلقة بالخيانة غير ذات جدوى ولا تستند على أي أساس، موضحا في تصريح ل«المساء» أن من يريد التخابر مع دولة أجنبية لا يسلك هذه المسالك التي سلكها هؤلاء، مشيرا في السياق ذاته إلى أن سبب كل هذه الضجة التي حامت حول الزيارة التي قاموا بها هو كونها جاءت من قبل أشخاص سبق أن تعرضوا للاعتقال ومعروفون داخل الوسط الصحراوي والحقوقي المغربي. واعتبر المتوكل سفر هؤلاء إلى تندوف بشكل جماعي فيه نوع من الجرأة والشجاعة غير المسبوقة، كاشفا أن الزيارة التي قاموا بها شملت مؤسسات مدنية وعسكرية في المنطقة. وأوضح المتوكل أن برنامج الزيارة تضمن جولة في منطقة تيفاريتي المتنازع حولها، حيث وقفوا هناك على بعض المنجزات التي تحققت والتي تشرف عليها الناحية العسكرية الثانية. عناصر المجموعة استقبلوا كذلك من طرف وزير ما يسمى «الدفاع الصحراوي» لمين البوهالي وزعيم الجبهة محمد عبد العزيز، ونفى المتوكل أن يكون لقاء هؤلاء قد تضمن لقاءات سرية مع مسؤولين في المخابرات الجزائرية، لكن مصادر مطلعة تحدثت عن التقاط صور لهؤلاء وهم بصحبة مسؤولين في المخابرات الجزائرية.