نستحضر، ونحن نتتبع ردود الأفعال حول استقبال حزب العدالة والتنمية لعوفير برانشتاين، تلك المشاهد الاستعراضية المقصودة التي كان يقف فيها قياديو المصباح بمدينة طنجة احتجاجا على لقاءات ميدايز التي تنظمها أماديوس بمدينة البوغاز. فكم من مرة وقف البرلماني السابق، والوزير الحالي، محمد نجيب بوليف، إلى جانب إخوانه القياديين في الصفوف الأمامية للوقفات الاحتجاجية، سواء بساحة الأمم أو أمام خيمة أماديوس بالغندوري، ضد حضور زعيم سياسي يهودي أو إسرائيلي إلى طنجة. احتجاج استعراضي للظهور أمام الرأي العام الوطني والمحلي بقناع التضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاطعة الكيان الصهيوني، بمدينة طنجة وغيرها؛ واستقبال احتفالي بشخصية إسرائيلية من طرف أعلى القيادات في حزب العدالة والتنمية، للظهور أمام الرأي العام الدولي والخارجي بقناع الانفتاح على أعداء الشعب الفلسطيني ومن ورائهم أمريكا عرابة الكيان الصهيوني بالأراضي المحتلة، وضابطة إيقاعات التغيير في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. احتجاج استعراضي هنا واستقبال احتفالي هناك، موقفان مطبوعان بالانسجام مع منطق السياسة القائم على الإمكان وعلى أساس المصالح قبل المبادئ. فلا معنى، وفق هذا المنطق، لتوجيه العتاب والنقد لحزب العدالة والتنمية على استضافة ومعانقة عوفير برانشتاين، مادامت المصلحة السياسية تقتضي التمهيد للتطبيع مع إسرائيل. وبالمناسبة، لابد أن أشير إلى أنه لأول مرة في حياتي ألج سوق التمور في طنجة، لأجد الباعة يعرضون على الزبائن تمورا إسرائيلية. وهذا مؤشر، لا يحتاج لبرهان، على أن التطبيع البروتوكولي يواكبه تطبيع إقتصادي مع إسرائيل، التي طالما راكم حزب المصباح نقطا قوية أمام الرأي العام الانتخابي الوطني، بظهوره في موقع المقاطعة والعداوة المطلقة مع أي رمز له صلة بمغتصبي فلسطين. سياسيا، ليس حراما أن يستقبل مؤتمر العدالة والتنمية شخصية إسرائيلية، نعم إسرائلية أولا، وبعده قد تكون شخصية محبة للسلام ومدافعة على قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل التي قامت على اغتصاب أرض فلسطين. لكن، لماذا كان يزايد إخوان بنكيران، ومن يسير في موكبهم من دعاة رفض التطبيع مع إسرائيل، على المغاربة، بهرولتهم إلى الشارع كلما استضافت جمعية ناشطا إسرائيليا محبا للسلام، وكلما زارت جمعية أو شخصية مغربية لجمعية أو لهيئة محبة للسلام في الأراضي المحتلة؟(لابد من استحضار اللغط الذي واكب زيارة الناشط الأمازيغي أحمد الدغرني إلى إسرائيل، وكذا محاولة ربط غياب الناشط الأمازيغي الجزائري فرحات مهني عن ندوة الشعوب الأصلية بطنجة بزيارته لإسرائيل...)