سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أطلقوا سراح الأولاد... الحرية لعائلة سيمسون! ما هذه الدولة التي تتصالح مع الشر والانغلاق والسلفيين، وتقول لنا في نفس الوقت إن مجموعة من الأولاد يهددون الأمن والاستقرار.
ما هذه الدولة التي تعتقل أولادا صغارا. ما هذه السلطة التي يفزعها تلميذ، سوف يصبح غدا مهندسا، يحب متابعة حلقات عائلة سيمسون، ويحتفظ في غرفته بصور لبارت وماغي وليزا. ما هذه الدولة التي تسجن الأمل. ما هذه الدولة التي تتصالح مع الشر والانغلاق والسلفيين، وتقول لنا في نفس الوقت إن مجموعة من الأولاد يهددون الأمن والاستقرار. لقد أفرجت هذه السلطة عن جمهور الكرة الذي روع الناس وكسر وخرب ونشر الرعب في الشوارع، وفي مقابل ذلك اعتقلت صغارا متحمسين ومتطرفين في الحرية. أفرجت عن متطرفين يهددون الدولة ويكفرون المجتمع، وفي مقابل ذلك اعتقلت أولادا يتظاهرون في المناسبات، ويحتفلون بحركتهم بنوع من الحنين، بعد أن تحولت في نفوسهم إلى ذكرى جميلة. بدل أن تشجع هؤلاء الشباب، تقوم السلطة عندنا بالزج بهم في السجون ومحاكمتهم. ومهما شتم هؤلاء الأولاد الدولة، ومهما رفعوا الشعارات المستفزة، فعلى الدولة أن تقول لهم شكرا على دورهم، وعلى الأمل الذي يبعثونه في مغرب الغد. شاهدت اليوم صور وقفة المتضامنين معهم، ورأيت فيديو لهم في السادس من أبريل، إنهم جيلنا الجديد الذي يمزج بين شي غيفارا وثقافة الاستهلاك الأمريكية، بين العائلة المقدسة وعائلة سيمسون، أشهر سلسلة رسوم متحركة في هذا القرن. المغرب محتاج إليهم ليعارضوه. المغرب في حاجة ماسة إلى هؤلاء الأولاد الصغار. المغرب الرسمي محتاج إلى شباب مقبل على الحياة، يناضل بالغناء والفرح والرقص. المغرب في حاجة ماسة إلى المزيد منهم، لئلا يبقوا مجرد كائنات مجهرية تزين المظاهرات. دونهم، ماذا سيبقى لنا في هذا البلد. دونهم، هل سنكتفي بالمشرملين والسلفيين والأحزاب الميتة ولغة الخشب. السلطة في المغرب مستعدة إلى أن تتصالح مع الجميع إلا مع مستقبلها، وليس من مستقبل، إلا هؤلاء الأولاد، وغيرهم من أبناء هذا الجيل الذي يعيش مغتربا في التلفزيون وفي ألعاب الفيديو وفي بطولات الكرة الأجنبية وفي الموسيقى. هل فكر من اعتقلهم في الحقد الذي سيسكنهم بعد الإفراج عنهم. هل فكر عاقل في السلطة من تبعات ذلك على نفسياتهم وعلى سمعة المغرب، الذي نقول إنه لا يشبه البلدان العربية الأخرى. لكن، يبدو، ألا أحد يفكر. طبيعة الأولاد أن يكونوا متحمسين، وأن يكونوا متنطعين وغاضبين وضد السلطة، وضد المؤسسات، ويرفضون كل شيء، وباعتقالهم كأننا نوجه رسالة إليهم، بأن ينضجوا قبل الأوان، وأن يقنعوا ويسلموا أمرهم، وألا يعيشوا عمرهم، وأن يصبحوا مثل شباط ولشكر وبنكيران. نفس أخطاء الماضي ترتكب اليوم، علما أن الأخطار لم تعد موجودة، وهؤلاء الشباب ليسوا إلا أقلية، يخرجون بين الفينة والأخرى، ليغضبوا ويمرحوا ويحتجوا، ثم يعودون إلى بيوتهم وأولياء أمورهم وأفلامهم ودروسهم. أي دولة، ولكي تنجح وتتقدم فهي حاجة إلى أحلام شبابها وغضبهم ونزقهم، ومن واجبها أن تستثمر في الحرية وتشجعها، فليس أفضل لها من معارض منفتح على القيم الكونية وعلى العالم، وطموحه، كل طموحه، أن ينعم بالسعادة وبالعيش الكريم. ليس أفضل لها من شباب ينبهها ويذكرها بأنها في حاجة إلى خطوة جديدة نحو المستقبل. لكن يبدو أن هذه الدولة أفقها ضيق تجمع حولها السلفيين تجمع حولها المحافظين بكل تلويناتهم تجمع حولها الأحزاب الميتة تجمع حولها الذين يرددون ما تحب سماعه وتحتمي بالماضي والسكون والفيزازي ولا ترغب في أن يزعجها أحد لا ترغب في صوت نشاز لا ترغب في نغمة مختلفة لا ترغب في أن يظهر شباب مع الحرية ومع الانفتاح لا ترغب في احتجاج مقبل على الحياة لا ترغب في الفرح وفي التظاهر المتحرر من أغلال الزعيم والنقابة والشيخ لو كنت مكان الدولة لشعجت هؤلاء الأولاد المبتسمين دائما الشباب الذين يحتجون كما يفعل أقرانهم في أوربا وأمريكا الذين يرفضون مغربا متجهما ومنغلقا الشباب المعتقلون الآن والذين حين ستحتاجهم هذه الدولة لن تجدهم سيكون قد فات الأوان سيكون غل في صدورهم سيكون ظلم ومسافة نفسية تفصل بين الطرفين سيكون الخطأ نفسه وسيكون ندم وفراغ وسنكون مضطرين إلى أن نتصالح من جديد أطلقوا سراحهم أطلقوا سراح رافعي صور عائلة سيمسون أطلقوا سراحهم قبل أن تستضيفهم تلك السلسلة في حلقة من حلقاتها أطلقوهم قبل أن يضحك علينا بارت وماغي أطلقوا سراحهم قبل أن يضرط علينا الوالد هومير ويتجشأ وهو يكرع البيرة أطلقوا سراح الأولاد قبل أن نصبح موضوعا للتندر أطلقوهم فأنتم تجهلون أن عائلة سيمسون أكثر تأثيرا في العالم من أي منظمة حقوقية أطلقوهم فالوضع لا يحتمل وليس أقسى على أي سلطة من أن يسخر منها معارضوها الأولاد ليس أقسى من أن يشير إلينا هومير بالإصبع وليس أسوأ من أن يقف الوالدان هومير ومارج والأطفال ماغي وبارت وليزا أمام محكمة عين السبع بكل شغبهم المعروف ولونهم الأصفر وبكل نزقهم وخفة دمهم وحسهم الحقوقي وسلاطتهم وتهورهم المحبوب في كل بلاد الدنيا. أطلقوا سراحهم لأن من يهدد أمن المغرب يكره الحياة ولا يغني ولا يضحك ونجومهم المفضلون ليسوا أفراد عائلة سيمسون.