بعد إحياء السهرة الختامية لمهرجان "تويزا" الغنائي.. ما وصفتك السحرية لاستقطاب كل هذه الجماهير بالمغرب لمتابعة حفلك؟ ماذا سأقول لك أختي؟.. في الواقع أنا تربيت بين أحضان المغرب، فالجزائر والمغرب هما دولة واحدة وشعب واحد.. أنا فخور جدا بهذه المئات الآلاف من الجماهير العريضة التي حجت، من مختلف بقاع العالم من أجل متابعة حفلي، هنا بطنجة.. فلولا أن هؤلاء المغاربة صفقوا علي ورحبوا بوجودي بينهم، ما كنت لأصل لهذه المرتبة التي بلغت إليها، وهي العالمية.
على كل حال، أنا مسرور جدا لأنني أتواجد اليوم بين أحضان بلادي، خصوصا بعد الجولة الكبيرة التي قادتني إلى عدد كبير من مدن المملكة المغربية، خلال الفترة الأخيرة.. لكن للاحتفال الذي أحييته، اليوم، بمدينة طنجة طعم خاص جدا.. أحييت حفلات بكل من الحسيمةووجدة وأكادير، بمهرجان "تيميتار" و...الخ. يمكنك القول إنني زرت المغرب كله. إلا.. إلا.. إلا طنجة. ولما اقترحوا علي إحياء السهرة الختامية لمهرجان "تويزا" الناجح بمدينة طنجة كانت لدي فرحة كبيرة.
هذه الفرحة تكون أكبر عندما أرى أمامي جمهورا كبيرا يضم محبين لفني، في أي منطقة أحيي فيها حفلة، في الجزائر أو المغرب الجمهور يأتون من كل قطر أجنبي: من أمريكا وكندا ولوكسومبورغ ومن باريس...الخ.. "راني شفت الناس يجيوا ديما من أماكن بعيدة".. الأمر ذاته عندما أزور المغرب.. فقد التقيت قبل إحيائي حفل "تويزا" بشباب قالوا لي إنهم زاروني، الأسبوع الماضي، في الحسيمة ولأنهم يجبون فني هم حاضرون، اليوم، في حفلي، هنا، بطنجة..كما أنهم حضروا حفلي الذي أحييته بمهرجان "تيميتار" بأكادير.. الفرحة كانت أكبر لما سلمتني إدارة مهرجان "تويزا" ذرعا أمازيغيا تذكاريا، وقبل ذلك حصلت في حفل أحييه بالمضيق "الرباب الذهبي".. الحمد لله ياربي، كل هذه الهدايا هي شرف كبير لي، وتمنحني الجرأة والشجاعة والقوة من أجل الاستمرار.
لنتحدث، قليلا، حول ألبومك الأخير "c'est la vie".. ولتدعني أقول لك إنه ألبوم أعادك للواجهة بعد "تراجع طفيف" في شعبيتك، ما السر وراء كل هذا التألق؟ (ضاحكا(: أنت التي تقولين إن شعبيتي تراجعت، قبل هذا الألبوم.. وعليك تحمل مسؤوليتك بهذا الخصوص.. (ثم يستمر في الضحك(.
ليس عيبا أن تتراجع شعبيتك، الأهم هو تدارك ذلك في الوقت المناسب، يبدو أنك اخترت بوابة الحب والحياة من أجل استعادة هذه الشعبية، فكيف كانت الاستعدادات لإنجاز هذا الألبوم؟ أتفق معك.. يا أختي، أنا من زمان بعيد وأنا أغني للحب والحرية والتسامح.. أكيد أنك تلاحظين المشاكل التي تحدث، عندنا، بالجزائر وبعدد من الدول العربية.. أنا أعتز لأنني أصبحت رمزا ورسالة مغربية جزائرية عربية للخارج.. حتى نثبت لهم أن هناك شبابا وشابات يريدون أن يعيشوا ويحبوا الحياة ويسعون إلى الحب.. لا الصورة التي يأخذها الأجنبي حول العرب والمسلمين.
ما يحدث، اليوم، في العالم العربي وما يحدث في العالم، قاطبة.. كان يستدعي إنتاج أغنية تدعو للحياة بدل الموت، والحمد لله أنني توفقت إلى إصدار أغنية "c'est la vie".. للأسف الشديد، هذا الوضع الجديد الذي باتت تعيشه بلداننا العربية هو وضع مؤثر جدا.. "الناس بداوا كيلعبوا لينا حتى بالدين من أجل شي مشاكل.. لا.. لا.. حرام والله حتى حرام هادشي".
بصفتي فنانا، يعد رمزا.. رسالتي كانت ولا زالت هي تعميم الحب والحياة بين الناس من خلال أداء أغاني تدعو إلى كل هذه القيم الإنسانية النبيلة.. مثلا، هناك بعض المعجبين بفني قالوا لي إنهم بكوا، كثيرا، خلال الحفل الذي أحييته بسان فرانسيسكو، لما قمت بالآذان في قلب أمريكا، خلال حفل أحييه مع "سانتانا".
لم أستوعب ما قلته.. ما الذي فعلته بسان فرانسيكوا؟ قمت بالآذان عند بداية حفل لي هناك.
وما الذي جعلك تؤذن؟.. هل أنت فنان أم إمام مسجد؟ أنا فنان لكني أظل مسلما، أؤدي شعائري الدينة في مقدمتها الصلاة.. الواقع أن ذلك الآذان كان رسالة للأمريكيين بأننا نحن المسلمون مسالمون محبون للحياة ولسنا كما يعتقدون.
ما كانت غايتك من الآذان بسان فرانسيسكو؟.. أكنت تريد استفزاز مشاعر أمريكا؟ لا أبدا.. يمكنك متابعة فيديو آذاني بأمريكا بالأنترنت.. لقد كان حفلا أحييته مع "سانتانا"، لأنني غنيت معه دويتو أغنية "love the people".. هذه الأغنية التي تقدم كلماتها رسالة للحب والحرية.. ولأن "سانتانا" "صاحبي وخويا"، غنيت الموال قبل أن أشرع في الآذان لا لأنني أريد تسليط الأضواء علي "وباش ندير إشهار لراسي".. بدأت ب"الله أكبر" بالآذان، بالنسبة لي كانت تلك إشارة لأمريكا، بعد أحداث 11 شتنبر، لأنني العربي الوحيد الذي امتلك الجرأة للآذان بأمريكا.
ألم تستشر أحدا في الموضوع؟ بصراحة، حذروني كثيرا وقالوا لي: "خالد لا تفعل ذلك راهم كيضربوا العرب، لكنني فعلت ذلك.
وماكان رد فعل الأمريكان على آذانك فوق تراب بلدهم ؟ لم يصدر عنهم أي رد فعل.. بالعكس، فبعد هذا الحفل، قمت بجولة فنية بمختلف مناطق أمريكا، وصدم الكثيرون من هذا الموقف الذي قمت به، و"تفكَعو"، كما نقول في الجزائر.. يعني أنهم ذهلوا للأمر.. وتساءلوا: "كيفاش آ خالد عندك الجرأة حتى تؤذن بأمريكا؟".. قالوا لي من أين لك هذه الشجاعة في مواجهة من يضربون العرب والمسلمين عقب أحداث 11 شتنبر؟.. قلت لهم هدفي كان هو أن أثبت لأمريكا أن مايكل جاكسون المغرب العربي جاي لعندكم يزوركم حتى يعكس لكم الصورة الحقيقية للعرب وللمسلمين هذه الصورة التي تسعى للحرية والحب والأمان والسلام.. العالم العربي يريد أن يعيش.. هذه الصورة الرسمية التي يسعى إليها شبابنا. الجاليات المغربية والجزائرية بالدول الأجنبية هم فخورون جدا بالفنان.. لدينا ميزة كبيرة نحن أبناء المغرب العربي، نحن موحدون متكاتفون ومتضامنون.. عندما نرى شخصا ينتمي لبلدنا الأم في بلد آخر نكون فخورين به ونرحب به ونمنحه كل الدفء الذي يحتاجه وكأنه في وطنه الأصلي.. إنهم فخورين بفنانهم، وهذا يشرفني كثيرا ويمنحني القوة والقدرة على العطاء.
تزور المغرب باستمرار، فهل صحيح أنك قررت الاستقرار به، بشكل نهائي؟ (ضاحكا بقوة(: لا أنا مستقر بالمغرب منذ زمن بعيد بلا داكشي.. بالصح، بالصح.. هنا لا بد أن أذكر معلومة مهمة جدا تتداول بخصوصي وهي أنني حاصل على جواز سفر فرنسي ولا نصراني ولا أمريكاني.. الحقيقة هي أنه لدي جواز سفر وحيد جزائري عربي.
ولماذا تريد الاستقرار بالمغرب بدل لوكسومبورغ؟ من أجل بناتي أريد ذلك.. "المشكلة هي كل واحد منا عندو بنيات وكيخاف عليهم".. المشكلة ديالي هي أنني لم أرد أن تعيش بناتي في الخارج، لأن بعض تقاليد هذه الدول الغربية تؤثر على تربيتهن وأخلاقهن.. مارضيتش بناتي يعيشوا فهاذاك الجو.
أيعني هذا أنك تخشى على بناتك من الثقافة الغربية؟ أجل.. رغم أنهن فرحانات مساكينات إلا أنني أحببت الاستقرار في المغرب، إن شاء الله.
ممتاز.. وماهي المدينة التي قررت الاستقرار فيها؟ لا يا أختي هذه معلومة سرية.
إذن ستستقر بطنجة؟ ضاحكا: إن شاء الله طنجة العالية.
أهي طنجة أم مدينة أخرى؟ إن شاء الله.. وا الضو بعدي مني شوية.. أنا عارف إذا ماجاوبتكش غادي يضربني الضو.. داكشي علاش كنقول ليك إن شاء الله.
إن شاء الله تعني أنك قررت الاستقرار بطنجة أم أنك تفكر بالاستقرار فيها؟ لا.. لا.. أنا ساكن في المغرب في عدد من المدن، أملك منزلا بالسعيدية وعندي داري بالجديدة.. بالنسبة لي لدي مكان أحب أن أعيش فيه وأستقر فيه، في بلادي الثانية المغرب.
إذن ستستقر بالمضيق؟ (ضاحكا(: وعلاش لا؟.. وعلاش لا؟.. واحدة من هاتين المدينتين يا إما طنجة يا إما المضيق. وحتى تكوني على علم فإن ألبومي الأخير: "c'est la vie"، الذي قلت لي قبل قليل إنه "خربق الدنيا"، سجلت معظم أغانيه بمدينة المضيق.
أعلم ذلك، وأعلم، أيضا، أن الذي سهر على إنتاج هذا الألبوم هو المنتج العالمي المغربي "ريدوان"، كيف فكرت في التعامل معه ؟ في الواقع، أنا سعيد جدا لأنني بعد أن سمعت بمنتج مغربي له صيت عالمي اسمه "ريدوان" تعامل مع "ليدي غاغا" و"جينفير لوبيز" و"إنريكي إغليسياس" و...الخ. قلت لهم الحمد لله لدينا مغربي هو رقم واحد في الولاياتالمتحدة الأمركية وتمنيت التعامل معه. قلت إن يدا واحدا لا تصفق لذلك بحثت عن اليد الأخرى وهي يد المنتج العالمي "ريدوان"، هو الذي اشتغلت معه الألبوم الأخير، الذي كان ألبوما ناجحا جدا وبلمسة "ريدوان" وعبقريته.
سجلت هذا الألبوم ب"المضيق"، لأن "ريدوان" ينحدر من شمال المغرب، كيف كان التعامل معكما؟ كان تعاملا مثمرا للغاية.. والدليل هو النتيجة النهائية لهذا الألبوم.. وكما قلت لك، قبل قليل، فإن معظم أغاني هذا الألبوم سجلت بالمضيق ماعدا " c'est la vie " و "هي اللي بغات"، اللتان سجلتا بستوكهولم، وباقي الأغاني: "باب الجنة" و"ليلى" و"سميرة" و...الخ، كلها سجلت بالمضيق. وأنا فخور جدا عندما أقول هذا، لأن مهنيين أمريكان وفرنسيين يقولون لي: "آ خالد لقد تضمن ألبومك هذا موسيقى جديدة، فهل سجلتها بأمريكا أو فرنسا.؟". وكنت أقولها لهم بفخر كبير: هذه الموسيقى "son American frome Tétouan".. (ثم يضحك بقوة(.. وهذا لأثبت لهم أننا نتوفر، كذلك، على استوديوهات وطاقات وشباب ولكي يعلموا أننا نشتغل مع "الجنون" و...
أتشتغل مع "الجنون" يا خالد؟ (ضاحكا بقوة(: نعم لدينا جنون واشتغلت هذا الألبوم مع الجن..أقصد بهم، بطيعة الحال: الشباب العفاريت اللذين يمكنهم الإبداع وتقديم الجديد وإنتاج أغاني من حجم الأغاني التي يتم إنتاجها بأمريكا.
فلنبتعد شيئا ما عن الفن.. ولنتحدث، قليلا، عن الصراع الطويل بين المغرب والجزائر حول فتح الحدود، ما موقفك منه؟ أنا لا أجد أن هناك صراعا.. "راه الطريق السيار كمل".. "راه كلشي لاصق بين المغرب والجزائر".. إن شاء الله تفتح هذه الحدود .. حلمي، يا أختي، وحلم كافة المغاربة والجزائريين هو أن يتم فتح هذه الحدود، "إذا هداهم ربي".. إن شاء الله يصبح المغرب العربي موحدا.. في الغرب أسسوا ما يسمى بالاتحاد الأوربي ونحن المغاربة والجزائريون لم نتمكن من تأسيس مغرب عربي موحد.. "حنا مالنا؟".. "باش زايدين علينا الأوربيين؟".. نحن بحاجة لأن نكون قوة واحدة وقلعة حماية موحدة.. تقاليدنا هي ذاتها ونحن، اسمحي لي يا أختي، مع كل احتراماتي للسياسيين.. إنك وجدية وستفهمين جيدا ما أقوله: "عندما تذهبين إلى وجدة ورغم أن الحدود مغلقة بين المغرب والجزائر فإن الجزائريين والمغاربة "خدامين، فرحانين ومتعانقين، كل يوم".. هناك حاجة وحيدة لا يمكن إغلاقها هي القلوب.. لا يمكن أن نقطعها.. القلوب والمحبة بين الأخ الجزائري والمغربي لا يمكن محوها. لكن هناك أمرا آخر لا يمكننا التدخل فيه هو السياسة.. هناك سياسيون مغاربة وجزائريون، المشكل قائم بينهم.
لكن الشعوب تدفع ثمن تعنت السياسيين بعدم فتح الحدود واستعادة العلاقات الثنائية بين البلدين؟ لن تدفع الشعوب الثمن، يا أختي.. "الشعوب راهم عايشين.. الخطوط الجوية راها خدامة، منذ ما يزيد عن عشر سنوات، المغرب عامر بالجالية الجزائرية والجزائر كذلك، حنا كبرنا مغاربة ونهضروا بحال المغاربة، بحال بحال".. من لم يكن يعرف كثيرا التقاليد المغربية هو الجزائري.. بعد اليوم، لم تعد هناك أية حجة لدى الجزائري بعد أن تعرف على ثقافة المغرب من خلال تكثيف زياراته للمغرب والعكس صحيح.. الآن، أصبحنا قوة واحدة.. "الشعب مانقدروش نحبسوه"، ولأن الشعب يحترم إرادة السياسيين فالأوضاع هي مستمرة على ما هو عليه.
أهو خوف من هؤلاء السياسيين أم ماذا؟. لا.. ليس خوفا وإنما هو احترام.. إن شاء الله يا للا.. "إذا جات عليا أنا والله خاصهم غير يحيدو لينا هاذوك الحجر من وجدة، باش دايرين الحدود.. عندي ساعة ونص باش نوصل من الجزائر لبلادي وهران في الجزائر"، ثم يضحك بقوة.
أنت فنان ونجم لديك زوجة وأبناء ولديك، أيضا، معجبات، كيف تتعامل معهن؟ ضاحكا: j'essaye de m' arranger.. j'essaye d'avoir de la patience. ( أحاول أن أكون صبورا وأن أرتب أموري(.
أيعني هذا أنك تواجه، فعلا، مشاكل مع زوجتك بسبب المعجبات؟ أكيد.. أكيد.. هناك مشاكل.. وكما تقول والدتي: "حتى المصارن في الكرش يتعاركو".. إذن هذه هي طبيعة الحياة العادية ولا بد للشخص أن يعرف كيف يتصرف.. ثم إنني عندما أدخل إلى منزلي، "أقلب الفيستة" و"نولي نمد في الرضاعة لولادي" و"نغسل لبنياتي".. أصبح رجلا عاديا وأعيش حياة شخص عادي لا حياة فنان.. أعيش حياة كل زوج وكل أب.
ماذا بعد ألبوم "c'est la vie"، ماهو جديدك؟ (ضاحكا(: كاين الحياة.