طالبنا بعضهم بكتابة البيان الختامي لحركة 20 فبراير، وكأنها شبيهة بمؤتمرات جامعة الدول العربية الفاشلة، أو احتفالية بعرس (غير ديمقراطي) على العروسين أن يوزعا قطع 'لابييس مونطي' على الضيوف كإعلان عن نهاية الحفل. أُخْرِسَ البعض بأبخس الأثمان، وهو أمر متوقع، ففي تاريخ الحركات الاجتماعية يقع الفرز بين الانتهازيين والصادقين، كما أنه في كثير من الأحيان يدافع الأنذال عن القضايا النبيلة، وباءت محاولات المستبد بالفشل في ثني البعض الآخر عن السكوت، فلم يجد بدا من سجنهم بتهم واهية ومضحكة-مبكية ،وكأن الحركة كانت تجمعا لتجار المخدرات وقطاع الطرق، وصلت العقوبة إلى سنوات طويلة، فيما لا يزال الجلادون وناهبو المال العام خارج أسوار السجن.
في مرات عديدة أصاب نشطاء الحركة إحباط شديد وصل إلى درجة يأس تجعلهم يحاولون إقناع أنفسهم بأن الحركة ماتت، يأس من التغيير ومن كل ذرة أمل تحفزنا على مواصلة سلك درب الحرية رغم الأشواك والعقبات، انتفاضات هنا وهناك في أقل من سنتين: بني بوعياش، تازة، مراكش، فكيك، طنجة، سيدي إيفني واللائحة طويلة.
ما العمل إذن؟ هل الانتفاضة الاجتماعية كافية لتغيير العقول وتحسين ظروف البلد ؟ ممكن ، رغم الحديث عن الخصوصية المغربية، فإن ما جرى ويجري في الدول التي شهدت انتفاضات شعبية دليل على أن المسألة تتطلب أكثر من ذلك.
الإشكال الأكثر تعقيدا في المغرب هو كيفية تحقيق 'مشروع النهضة الثقافية' (ماشي ديال محمد مرسي) مع نسبة أمية مرتفعة و ساحة سياسية أصبحت شبيهة بساحة جامع الفنا و إعلام لا ينتج إلا البؤس ومثقفين اختاروا يا إما 'التلعق' من السلطة أو الصمت والانزواء في البرج العاجي إلا من رحم ربي.
صحيح أن أغلب شباب 20 فبراير لهم تكوين سياسي متواضع، وهو أمر طبيعي بحكم قلة الحيلة وضعف التجربة ،لكنهم رغم كل ذلك استطاعوا أن يبهروا العالم بعزيمتهم وقدرتهم على تدبير الاختلاف وكسرهم لكل الطابوهات، لكن هل كانت هناك آذان صاغية لصرخات حناجرهم التي صدحت بشعارات تحمل أنبل القيم وتنبذ 'الحڭرة' والتهميش والتمييز؟
نعم سمعوها كلها و"داروا راسهم ما سمعوا والو"، حيت درنا ضوصطور صوتوا عليه المغاربة كلهم بنعم، ودرنا انتخابات وتعينات حكومة ضريفة بزاااف... ولكن غير مع ناهبي المال العام، وكتزيد كل مرة فالأسعار، ولكن مافيها باس، مسكين بن كيران ما عندو ما يدير، وحنا المغاربة ما خصنا خير الحمد لله ،الشتا كطيح ،وكيكون العام زين ،ودوك الشباب مزيان يدخلو للحبس باش يخليو الحكومة مسكينة تخدم.
واخا :ما قلتو عيب، هاحنا ساكتين ، سنصمت إلى حين... ولكن إذا تكلمنا من جديد آش جاب ما سكتنا عاود.
أقول لمن طالبنا بكتابة البيان الختامي للحركة: أنا بدوري أطالبكم بكتابة رسالة رثاء لشهامتكم وعزيمتكم ومروءتكم، حركة 20 فبراير حية، وستبقى كذلك لأنها ليست فترة مراهقة علينا أن ننسلخ منها لنسمى ناضجين، بل هي روح تحمل أسمى القيم الإنسانية : الحرية ، العدل، المساواة، الكرامة، التسامح... لذلك فدورها لم ينته بعد مادام هناك فساد واستبداد.