تصرف عبد الإله بنكيران بدهاء في جلسة مساءلته الشهرية وعمل كل ما في وسعه لإحداث شرخ داخل صفوف المعارضة البرلمانية، خاصة بين كل من الاتحاد الاشتراكي وحزب الأصالة والمعاصرة، فبعد أن بادر بنكيران وعضو الفريق عبد الله بوانو، في تنسيق مشترك، إلى الهجوم على حزب البام وتقطير الشمع على حزب التجمع الوطني للأحرار في شخص رئيسه صلاح الدين مزوار، الذي جرى تحميله، في سابقة أولى من نوعها، مسؤولية الاختلالات الماكروقتصادية في قانون المالية الحالي، فضل بنكيران مهاجمة حزب الاصالة والمعاصرة عبر التلميح للخرجة الإعلامية الاخيرة لعضو مكتبه السياسي إلياس العمري، وهو ما دفع النائبة عن حزب البام، خديجة الرويسي إلى الاحتجاج علنا ضد بنكيران فطالبته بالإفصاح عن الأسماء التي يقصدها في حديثه، مما جعل رئيس المجلس يتدخل لثنيها عن التمادي في عرقلة الجلسة طبقا لمقتضيات القانون الداخلي لمجلس النواب. وأكدت مصادر ل"كود" أن الفريق الاشتراكي التزم الصمت هذه المرة وفضل عزل البام في معارضته لحكومة بنكيران، وكان تدخل رئيس فريقه أحمد الزايدي، باهتا، على غير العادة، واكتفي بتمرير الرسائل تلو الأخرى لبنكيران، خاصة تلك المتعلقة بالشكوى من "حملة المسيئة" لنواب حزب ال"بي جي دي" ضد حزب الاتحاد الاشتراكي، خاصة في ما يتعلق بملفات الفساد وقرارات وزير المالية السابق فتح الله ولعلو، التي جرت أدى الحزب بسببها فاتورة غالية من رصيد الشعبي والسياسي. وعمل بنكيران على بعث رسائل الغزل إلى الزايدي من خلال الوعد الذي تقدم به له بوضع حد لتهجمات حزبه على الاتحاد و تفهم مواقفه من الأزمة والحكومة مقابل ذلك فضل بنكيران نهج التشدد في الخطاب ضد الفريق التجمعي وفريق الأصالة والمعاصرة، وهو ما يؤكد استراتيجية العدالة والتنمية الهادفة إلى إضعاف المعارضة وزرع الخلافات في صفوفها وهي خطة محكمة يبدو أن الاتحاد الاشتراكي استلسم لها، في وقت أجمعت فيه جميع الفرق النيابية للمعارضة، أن الوضعية التي وصل إليها الاقتصاد المغربي هي نتيجة لغياب رؤية واستراتيجية واضحة للحكومة كما سجلت المعارضة وجود تضارب في الأرقام المقدمة من طرف وزير الإقتصاد والمالية نزار بركة والوزير المنتدب في المالية إدريس الأزمي، وكذلك تناقض الأرقام المقدمة من الحكومة مع أرقام وإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط.ووصفت المعارضة المعطيات الواردة في تقرير وزير المالية بأنها صادمة وتنبؤ بدخول الاقتصاد المغربي مرحلة حرجة، من خلال المؤشرات المقلقة للتوازنات المالية، ستكون لها انعكاسات على الوضعية الاجتماعية.